من بين المواضيع التي تناولتها الصحف العربية الصادرة اليوم 04 تموز/يوليو 2025 الهدنة المرتقبة في غزة إضافة الى العلاقات بين دول حلف الأطلسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
كتب صبحي حديدي في صحيفة القدس العربي مقالا تناول فيه قمة الحلف الأطلسي الأحدث التي احتضنتها لاهاي التي رأى أنها تتراوح بين ما وصفه بمخادعة السطح وتأزّم الباطن. الكاتب يرى أن علامات السطح الأولى هي اضطرار قيادات الحلف إلى مراضاة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أوّل قمّة يحضرها خلال ولايته الرئاسية الثانية الحالية.
العلامة الثانية المستغربة بحسب الكاتب هي أنّه في حين ارتفع مطلب ترامب، حول الإنفاق الدفاعي، في هذا العام بنسبة 5 بالمئة عمّا كان عليه عام 2018، تتزاحم عواصم أوروبية كبرى مثل برلين وباريس ولندن على امتداح الخطوة؛ وكأنها ليست بند الإرغام الذي اشترطه البيت الأبيض بحسب الكاتب.
في هذا السياق يرى حديدي أن التنابذ بالتصريحات مع الولايات المتحدة حتى تلك الأشدّ انتهاجاً لمفردات التهذيب الدبلوماسي و«التضامن القِيَمي» شيء مختلف تماماً عن مواجهة واشنطن في قلب مؤسسات حلف شمال الأطلسي؛ الاقتصادية والتجارية كما التسلّحية والتكنولوجية، قبل تلك السياسية.
ويشير الكاتب الى أن باطن المأزق هو اعتلال وجودي أُصيب به الحلف منذ عقود ربما، أو بالأحرى منذ انطواء صفحة الحرب الباردة في استقطاباتها المكشوفة وخلاصاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والإيديولوجية.
ترى الصحيفة أن الخطة الأميركية الجديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة تُعدّ محاولة جديدة لإيجاد مخرج من هذه الحرب التي باتت تراوح مكانها من دون تحقيق أهداف استراتيجية واضحة من خلالها، باستثناء استمرار الخسائر البشرية الكبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
ولعل ما يميّز هذا المقترح هو تصميمه الدقيق لتوفير ضمانات عملية تمنع إسرائيل من التملّص من التزاماتها خلال فترة الهدنة، على الرغم من غياب أي تعهّد واضح فيه بإنهاء الحرب.
وعليه، فلن تكون هذه الصفقة، إذا ما أُبرمت بحسب الصحيفة، أكثر من هدنة مؤقتة تهدف إلى شراء الوقت، وإن ترافق طرحها مع تداول أفكار حول كيفية إقفال الصراع. في المقابل ذكرت الصحيفة أن النسخة المحدّثة من الصفقة تختلف بشكل واضح عن تلك السابقة المعروفة باسم «خطة ويتكوف»، والتي كانت تنص على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين فقط خلال الأسبوع الأول من وقف النار
وتقول الصحيفة إن النقطة الجوهرية هنا هي أن إسرائيل لن تتسلّم كل الأسرى منذ البداية، ما يخلق نوعاً من الرهان على إمكان إجبارها على الالتزام بالاتفاق حتى نهايته، حيث لن يكون بإمكانها، والحال هذه، العودة إلى التصعيد من دون تحمّل تبعات مباشرة؛ وهذا ما يحمّل العرض الجديد آلية ضغط كبيرة على الجانب الإسرائيلي. كما أنه يمنح حركة "حماس" نوعاً من الحماية السياسية والميدانية، بحيث تبقى لديها قيمة استراتيجية تتيح لها المساومة أو الضغط في حال حاولت تل أبيب التملّص من بنود الصفقة بحسب الصحيفة.
كتب ممدوح الشيخ في صحيفة العربي الجديد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يريد أن يتحاشى مصيراً شخصياً أو سياسياً مؤسفاً، مشيرا الى أن ما يصحّ جزئياً لا يوفّر بالضرورة إطاراً عامّاً لفهم استراتيجية نتنياهو في إدارة صراع يوشك في أيّ لحظة أن يتوسّع، بل أن يخرج عن السيطرة. ويرى الكاتب أن الحسابات التكتيكية الضيّقة التي يتعامل بها مع معارضيه، ومع أطراف إقليمية ودولية، أوهمت بعضهم بأنه لا يتحرّك وفقاً لاستراتيجية، وهذا غير صحيح بالمرّة بحسب الكاتب الذي يعتبر أن ملامح استراتيجية نتنياهو تتسم بأولوية الخطوط الحمراء على الأهداف، وأن نتنياهو معنيٌّ في المقام الأول بما يريد منعه، ومستعدّ لتغيير أهدافه وفقاً لخطوطه الحمراء. ويقول الكاتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرى أن اللحظة مواتية، داخلياً وإقليمياً كما دولياً، للقضاء على حركة "حماس"، ومنع القطاع من العودة إلى ما كان قبل "طوفان الأقصى.
استراتيجية نتنياهو التي عرضها الكاتب مهدّدة بثقب أسود يمكن أن يبتلع كلّ ما يعتبره نتنياهو انتصارات ساحقة، فالثقب الأسود الذي لا يراه نتنياهو هو إمكانية تغير البيئة الاستراتيجية للمنطقة بسبب طول فترة التوتّر السياسي في المنطقة، أو حدوث نتائج (لم تكن في الحسبان) لمنطق الاستمرار في الضغط العسكري على الفلسطينيين وإيران لفرض استسلام غير مشروط
يخلص الكاتب الى أنه منذ سنوات، تكرّس التركيبةُ السياسيةُ في إسرائيل دورَ بنيامين نتنياهو مصدراً وحيداً للرؤى الاستراتيجية، واليسار خارج السلطة، وفي حالة يرثى لها، في حين أقصى اليمين مشغول بالحصول على ميّزات لقاعدته الانتخابية. وبين الفريقَين، يتحرّك نتنياهو في فراغٍ منَحه فرصةَ أن يُخلِّد اسمه في التاريخ "صانعَ انتصار غير مسبوق". وبسبب عوامل التشتت كثيرة، لا يرى نتنياهو الثقب الأسود، الذي قد يبتلع إسرائيل ابتلاعاً كاملاً بحسب الكاتب.