يوم الثلاثاء الماضي كنت أدير ندوة بعنوان: "التكفير كأداة لقمع حريّة التعبير" نظّمتها منصّة "مواطن". في هذه الندوة كانت ضيفتنا الدكتورة إلهام مانع، أستاذة العلوم السياسيّة بجامعة زيوريخ، سويسرا. دراسات مانع الأكاديميّة تركّز على عدّة مواضيع مثل: العلاقات الإقليميّة في شبه الجزيرة العربيّة، الإسلام السياسيّ، الدولة العربيّة، وسياسات النّوع، والمرأة في ظل القوانين الإسلاميّة.
عرفتُ إلهام مانع من خلال كتاباتها المدافعة عن حقوق الإنسان، لها عدّة كتب في مجالات متعدّدة، فبالنسبة لمجال المرأة لها كتابان باللّغة الإنجليزيّة عن الشريعة، والمرأة، والدولة العربيّة، وسياسات النّوع فيها.
تحدّثنا في النّدوة عن مواضيع متعدّدة، لماذا يتم إطلاق تهمة الإلحاد على كلّ شخص حاول أن يفكّر، ويجدّد الخطاب الدينيّ.
إلهام مانع تعرّف عن نفسها كمسلمة، وبأنّها جزء من الحركة النسويّة الإسلاميّة، ولكنّها تعرّضت للتكفير بسبب إيمانها أنّ المسجد مكان للرجال والنساء على حدّ سواء، وأنّ من حقّ المرأة أن تؤمّ المصلّين مثل الرجل تمامًا، وهي أيضا أصرّت على أن تصلّي في جنازة والدها في الجامع في صنعاء، وقد كتبت مقالًا مؤثّرًا بعنوان: "يوم دفنت أبي.. مع أخي" شرحت أهمّيّة دعم أخيها لها، والذي وافق بأن ترافقه، وقالت بأنّ والدها كان أيضًا داعمًا، ومحبًّا وإن لم تصلي عليه هي فمن؟ حاول البعض منعها، ولكنّها قالت لهم: "هذا بيت الله وليس بيتكم".
من المحزن أنّنا كنساء ليس من حقنا أن نودّع أحبابنا لقبورهم، بل أبعد من ذلك في اليمن يتمّ مسح أسماء النساء، فعند كتابة التعزية لأبناء الميّت لا تُذكر أسماء بنات الميّت، واسم زوجته، فأسماؤنا عورة.
في هذه الندوة شعرت بسعادة، وأنا أستمع لهذه المرأة الرائعة اللبقة المثقّفة، التي لا ينطق لسانها إلّا بالمحبّة، هي امرأة من بلادي ولكنّها مواطنة عالميّة، كم أتمنّى لو أنّ مجتمعاتنا تنصت لمَن هم مِن أمثال إلهام مانع، وتبتعد عن أصوات الغوغاء والمخرّبين.