برنامج "الصحة المستدامة" يستضيف: د. ياسر خير بيك، الاستشاري في الطب النفسي العام ورئيس الأطباء في مستشفى أورجمون للطب النفسي بضاحية أرجنتوي الباريسية، والمنسق الإقليمي لمشافي شمال باريس لمجموعة EMEIS الطبية، لطرح الملف التالي: كيف نتعافى من خيبات الامل؟
دراسة طبية حديثة تشير إلى أنّ قمع الأفكار السلبية مفيد للصحة النفسية
أشارت دراسة حديثة شملت 16 دولة، وأجراها علماء في جامعة كامبريدج ونشرت في مجلة “Science Advances”، إلى أنّ تقنية تدريب النفس على قمع الأفكار والمشاعر السلبية تعتبر فعاّلة من أجل تحسين الصحة النفسية على الرغم من أنّ كتمان الأفكار السلبية للفرد يتعارض مع الحكمة التقليدية، التي ترى أنّ القيام بذلك يؤدي إلى تدهور الصحة العقلية.
هذا و شارك في البحث 120 شخصاً بالغاً خضعوا لثلاثة أيام من التدريب عبر الإنترنت لمعرفة كيفية قمع الأفكار التي وصفوها بأنها مخيفة، بالإضافة إلى بعض الأفكار التي كانت محايدة.وبدلاً من زيادة عدد المرضى الذين يعانون من القلق والتوتر بعد الصدمة والاكتئاب، حدث العكس، حيث شعر المشاركون بالتحسن.
ووجد الباحثون أنّ القمع يقلّل من الذاكرة بالنسبة للمخاوف المكبوتة ويجعلها أقل حيوية وإثارة للقلق، وبعد التدريب، أبلغ المشاركون عن قدر أقل من القلق والتأثير السلبي والاكتئاب مع استمرار الفائدة الأخيرة لمدة 3 أشهر بعد انتهاء التجربة .
هذا وأوضح البروفيسور مايكل أندرسون، مؤلّف الدراسة وكبير العلماء وقائد البرنامج في وحدة علوم الإدراك والدماغ في جامعة كامبريدج، أنّ البديل التقليدي لعلاج القلق والتوتر ما بعد الصدمة والاكتئاب هو محاولة وضع صور إيجابية في رأس المرء، رغم انه يُنظر إلى قمع الأفكار والمشاعر السلبية على انه أمر غير صحي، ودعوة إلى تفاقم تلك الأفكار السيئة، حيث أن علم النفس السريري يحثنا على عدم قمع أفكارنا، بحجة انها ستتموضع ببساطة في اللاوعي، ثم ستعود الى مهاجمتنا من جديد لجعلنا مرضى نفسيين .
واضاف أندرسون أنّه حتى الان لم يختبر أحد على الإطلاق تجريبياً ما إذا كان تدريب الأشخاص على قمع الأفكار المؤلمة له تأثير على الصحة العقلية، وأضاف أنّ هذه الدراسة تعتبر أوّل اختبار تجريبي سببي، وأنّها كشفت عن أنّ قمع الأفكار هي طريقة صحّية ومشروعة تماماً للتعامل مع المشاعر والأفكار السلبية، فبدلاً من محاولة كبح غرائز المرضى الطبيعية والمفهومة لقمع أفكارهم، ينبغي على الاختصاصيين في الصحة العقلية السماح لهم باستكشاف ما هو الأفضل لتخفيف أعراضهم.
وأخيرا أشار الباحثون إلى أنّ علم النفس السريري غالبا ما يخلط بين التجنب وقمع الأفكار، لكنّ قمع الأفكار، كما في تجربة اندرسون، يجبر الناس على مواجهة ذكرياتهم المؤلمة، لكي يتعلموا ببساطة كيفية عدم الانجراف وراءها.