عناوين النشرة العلمية :
- ثلاثة أرباع كتلة الأنهار الجليدية قد تختفي في القرون المقبلة بسبب تبعات تغير المناخ
- إحراز تقدّم علمي في فهم الميكروبات المرتبطة بمرضين راسخين في الخيال الجماعي هما الطاعون والجذام
- اكتشاف مدينة قديمة تعود لحضارة المايا شمال غواتيمالا
هل الأنهار الجليدية ذاهبة إلى الزوال بسبب الاستخفاف بأزمة المناخ ؟
بالتزامن مع افتتاح قمة الأمم المتحدة حول الأنهار الجليدية في دوشانبي Douchanbé عاصمة طاجيكستان، نبّهت دراسة دولية كتبها نحو عشرين عالما دوليا ونُشرت نتائجها في مجلة "ساينس" إلى أنّ الأنهار الجليدية هي أكثر عرضة للتغير المناخي مما كنّا نعتقد في السابق.
قد تختفي ثلاثة أرباع كتلتها في القرون المقبلة. سينجم عن ذوبان الأنهار الجليدية عواقب وخيمة تماما كما حصل من بضعة أيام في سويسرا حيث دفنت وطمرت قرية Blatten في جبال الألب إثر انهيار جليدي ضخم من نهر birch أدّى إلى تشكّل بحيرة اصطناعية جرّاء تلك الكارثة، ما يُخشى من أن تفيض البحيرة بين لحظة وأخرى.
إذا بقيت البشرية على مسارها الحالي في الاحترار المناخي ولم تلجم تصاعد درجات الحرارة، سيكون ذوبان الأنهار الجليدية حول العالم أكبر بكثير من المتوقع على المدى الطويل، مع خسارة تُقدّر بنحو 76% من كميات الجليد الحالية.
لكن في حال تمكنت البشرية من حصر الاحترار المناخي عند عتبة درجة مئوية ونصف درجة مقارنة بمعدلات الحرارة في عصر ما قبل الصناعة، وهو ما تنص عليه اتفاقية باريس المناخية، فسيتم الحفاظ على أكثر من نصف الكتلة الحالية للأنهار الجليدية، وفق توقعات أحد المشاركين في إعداد الدراسة، عالم الجليد Harry Zekollari من جامعة بروكسل الحرة في بلجيكا.
الأنهار الجليدية المنتشرة في مختلف أنحاء العالم فقدت منذ بداية القرن الحالي ما يقرب من 5% من حجمها مع تفاوتات إقليمية كبيرة. فمن المتوقع أن تختفي الأنهار الجليدية الواقعة في الدول الاسكندنافية تماما. إلى ذلك، يُقدّر أن يكون تأثير الاحترار المناخي في وسط وجنوب شرق آسيا شديدا جدا على الأنهار الجليدية إذ قد تفقد 75% من جليدها الحالي، لكنّ سلسلة جبال Hindou Kouch الواقعة في أفغانستان وباكستان، يتوقّع أن تشهد أنهارها الجليدية خسارة بنسبة 40%.
انعكاسات ذوبان الجليد من الأنهار الجليدية بدأت تظهر بالفعل حين نفهم أنّ الأنهار الجليدية العملاقة ترتدي أهمية كبيرة في تنظيم المناخ، وتؤدي دورا محوريا في توفير المياه العذبة لمليارات البشر. غير أن ذوبانها الذي يُغذّيه ارتفاع درجات الحرارة العالمية الناجم عن الأنشطة البشرية، يُعرّض هذه الموارد للخطر، ويُفاقم ارتفاع مستوى سطح البحر، مُهدّدا بذلك عددا كبيرا من السكان.
معطيات جديدة حول أسباب انتشار الطاعون والجُذام
لماذا استمرت الأوبئة الثلاث من الطاعون لمدّة زمنية طويلة امتدّت أولاها المعروفة باسم "طاعون Justinien " إلى مائتي عام؟ وهل مرض الجذام الذي ارتبط على مر القرون بصور مرضى مشوهين جدا كان موجودا في الأميركيتين قبل وصول الأوروبيين؟ عن هاذين السؤالين المتعلّقين بمرضين مختلفين، تمكّن علماء آثار متخصصون في الميكروبات من معهد باستور وجامعة McMaster الكندية وجامعة كولورادو من إيجاد إجابة عنهما في دراستين منفصلتين نشرتا في مجلّة science.
بعد أن قام الباحثون من معهد باستور وجامعة McMaster الكندية بفحص عيّنات من بكتيريا الطاعون الدّبْلي " Yersinia pestis"، تعود إلى أوبئة الطاعون الثلاثة، لاحظوا وجود رابط مشترك هو أنّ الميكروب في الحالات الثلاث، خضع لتطوّر وراثي قلّل تدريجيا من ضراوته. لكنّ وباء الطاعون لم ينقرض لأنّ بكتيريا الطاعون وحين أصبحت أقلّ ضراوة أطالت، بهذه الطريقة، مدّة بقائها، مما أتاح لها فرصا أكبر للانتقال من فرد إلى آخر.
لتأكيد هذه الفرضية، جرّب باحثو معهد باستور العيّناتِ الحديثةَ من بكتيريا الطاعون على مجموعات من الفئران ليثبت لهم أنّ مرض الطاعون استمر لمدة أطول عند انخفاض ضراوة البكتيريا. يمثل هذا تقدما ملحوظا في فهم أوبئة الطاعون، مع أن السياق الحالي، في ضوء فاعلية المضادات الحيوية في مكافحة المرض، يختلف اختلافا كبيرا عن القرون المنصرمة.
فيما يخصّ مرض الجذام الذي يسمّى بالفرنسية Lèpre وبالإنكليزية Hansen’s disease، تعاونت فرق معهد "باستور" مع باحثين من جامعة كولورادو بغية فحص مئات العينات من الحفريات الأثرية في أميركا الشمالية والجنوبية.
في أعقاب فحص تلك العينات التي يعود تاريخها إلى تسعة آلاف عام، أي قبل زمن طويل من وصول المستوطنين الأوروبيين الأُوَل إلى أميركا الشمالية والجنوبية، اكتشف الباحثون ضمن عيّنات الحفريات إحدى البكتيريا المُسببة للجذام، وهي المتفطرة الجذامية الورمية Mycobacterium lepromatosis. على ضوء هذا الاكتشاف، ثبت أنّ شكلا من أشكال الجذام كان موجودا أصلا في الأميركيتين، وأنه انتشر في مختلف أنحاء القارة بحسب قول Nicolas Rascovan، الاختصاصي في علم الجينوم القديم في معهد "باستور".
بالطبع لعب الاستعمار الأوروبي للأميركيتين دورا في نقل بكتيريا أخرى من فصائل بكتيريا الجذام إلى الولايات المتحدة، وهي المتفطّرة الجذامية Mycobacterium leprae. كانت هذه البكتيريا تُعتبر حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين السبب الوحيد لمرض الجذام. لكنّ هذا المرض لا يزال مشوبا بالكثير من الغموض منذ اكتشاف في العام 2008 بكتيريا ثانية تسبّب الجُذام ألا وهي المتفطّرة الجذامية الورمية Mycobacterium lepromatosis التي ينبغي الاستمرار في البحث والتحرّي عن أماكن تواجدها في أميركا وليس في أيّ مكان آخر من العالم.
إلى النور تظهر مدينة من مدن حضارة المايا في شمال غواتيمالا
بفضل تعاون بين علماء آثار من غواتيمالا وسلوفاكيا، أسدل الستار عن مدينة قديمة تعود لحضارة المايا وكانت أحد أقدم وأهم المراكز الاحتفالية لحضارة المايا. حملت المدينة المُكتشفة شمال غواتيمالا تسمية Los Abuelos. مدينة اشتق الباحثون اسمها من تمثالين بشريين يمثلان "زوجين من قدماء الجدّات والأجداد" عثر عليهما في الموقع الذي يعتقد أنه كان مرتبطا بممارسات طقوس لعبادة الأسلاف.
يذكر أنّ أطلال مدينة Los Abuelos التي اكتشفت في غابة Petén بالقرب من الحدود مع المكسيك لا تبعد سوى 21 كيلومترا عن Uaxactún أهمّ وأكثر المواقع الأثرية استقطابا للسيّاح في غواتيمالا. أمّا مدينة Los Abuelos التي تمتدّ على مساحة 16 كيلومتر مربّع فيعود عمرها إلى 800-500 عام قبل الميلاد، حين بلغت حضارة المايا ذروتها بعد أن ظهرت حوالى عام 2000 قبل الميلاد.
ضمن نطاق موقع مدينة Los Abuelos، وُجد هرم يبلغ ارتفاعه 33 مترا، وهو مزين بلوحات جدارية وأنشأت فيه "شبكة قنوات فريدة".