قال مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية السابق الأخضر الابراهيمي في مقابلة خاصة لمونت كارلو الدولية في برنامج المجلة السياسية: "حبّذا لو كانت الدول العربية المُطبعة وغير المُطبعة أن ترفع صوتها وتقول إنّ ما يجري في قطاع غزة ولبنان غير مقبول"، مضيفا أنّ العقبة التي منعت وقف إطلاق النار هو موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وقال" إنّ الولايات المتحدة تمنع أي قرار لا يرضي إسرائيل". واستذكر الإبراهيمي عددا من الشخصيات العربية والعالمية التي التقاها منها نيلسون مانديلا.
ميساء اسماعيل
يسعدني أن أستضيف مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الأسبق الأخضر الإبراهيمي. أهلا وسهلا بكم.
الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة تدخل عامها الثاني وتشتد على لبنان منذ أكثر من شهر، اليوم لماذا تأخرت الدبلوماسية الدولية في وقف إطلاق نار؟
الأخضر الابراهيمي
مع الأسف الشديد، الدبلوماسية تحتاج إلى أناس يقودونها ويضعوا في خدمتها وسائل القوة ... وسائل القوة هذه تأتي، مثلا، من دول أو مجموعة دول أو منظمات تتمتع باحترام شديد. هذا غير موجود إطلاقا الآن.
الولايات المتحدة وهي أكثر الدول تأثيرا في منطقتنا، إن أحببنا ذلك أو لم نحبه، متحالفة مع إسرائيل ومع نتنياهو شخصيا، تحالف كامل، من حين إلى حين، الرئيس الأمريكي أو وزير خارجيته أو أشخاص أخرين في الإدارة الأمريكية، يعبرون عن أسف ... عن تعاطف مع الشعب الفلسطيني في غزة.
وباحتشام شديد جدا، يقولون إن إسرائيل تبالغ بعض الشيء، وحبذا لو توقفت، لكن يقومون بذلك مع غمزة نحو نتانياهو ... يعني "حسنا نحن مضطرون أن نقول هذا الكلام، ولكن لا تخف الأسلحة الموال ستستمر في التدفق عندك واعمل ما تشاء"، الشخص الذي يقود المشهد في منطقتنا، للأسف الشديد، في الوقت الحاضر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل.
ميساء اسماعيل
اليوم القرار الأكثر طرحا هو القرار. قرار مجلس الأمن الدولي 1701، هل ترون أن هذا القرار يشكل مخرجا أمميا هو الأفضل فيما يتعلق بحالة لبنان في الوقت الراهن؟ وهل لديكم ملاحظات تحديدا على هذا القرار نظرا لخبرتكم في هذا المجال؟
الأخضر الابراهيمي
يعني هذا القرار صدر منذ مدة طويلة، رئيس وزراء لبنان أثناء تواجده في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، حاول أن يحيي هذا القرار، من الجانب اللبناني بما فيها حزب الله، وافقوا أن يتم العمل على تفعيل هذا القرار، لكن
الإسرائيليين، ورغم ما يقوله بعضهم ورغم ما يقوله الأمريكيون ... شايفين أن عندهم فرصة.
ميساء اسماعيل
أكثر من 42 ألف قتيل في قطاع غزة وأكثر من 10 ألاف في لبنان بين قتيل وجريح، اليوم هل تقوم الأمم المتحدة بتفعيل كافة أدواتها لدرء هذا القتل؟
الأخضر الابراهيمي
يعني الأمم المتحدة هي بأعضائها، وخاصة الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن ... والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن معناها، في نهاية المطاف، الولايات المتحدة التي قررت، أو فرض عليها في الحقيقة، بسبب النفوذ الإسرائيلي في الولايات المتحدة، ألا تقوم بأي شيء لا يرضي إسرائيل، بل تمنع أي قرار لا يرضي إسرائيل.
هذه مشكلة كبيرة، حتى في الأيام الأخيرة، المجاعة التي سببتها اسرائيل في شمال غزة، كل ما تمكنوا أن يعملوه هو ان سفيرة الولايات المتحدة في نيويورك لدى الأمم المتحدة، قالت نحن سنرى إذا كانت إسرائيل حقيقة توقف المساعدات من الوصول الى شمال غزة، يعني صار لها أسابيع، الأمريكان ما في شك عارفين ... العالم كله عارف أن إسرائيل منعت دخول أي شيء إلى شمال غزة، وبالتالي في مشكلة كبيرة جدا، الأمم المتحدة، عملها مشلول بسبب موقف الولايات المتحدة وخاصة الرئيس بايدن الذي يكرر في كل مناسبة وغير مناسبة أنه إنسان صهيوني.
ميساء اسماعيل
اليوم بعد مقتل السنوار الولايات المتحدة أعربت عن ضرورة المضي قدما في إنهاء الحرب في قطاع غزة. هل سيكون ذلك ممكنا حاليا؟ هل نحن اليوم أمام التحول؟ أم أن الأمور سيواجهها أيضا عقبات؟
الأخضر الابراهيمي
هناك عقبة واحدة وليس عقبتين ... العقبة الواحدة التي منعت وقف إطلاق النار هي موقف السيد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، هو الرافض، وحتى الأمريكان اعترفوا بذلك، أكثر من مرة، أنه في المفاوضات التي كانت ماشية في الدوحة أو في القاهرة، يعطي رئيس وزراء إسرائيل، أكثر من مرة، تعليمات للوفود التي تذهب لهذه المفاوضات وبعد ذلك يغير رأيه ويسحب هذه الوفود أو تفويض هذه الوفود، هذا الموضوع في يد بنيامين نتنياهو.
ميساء اسماعيل
عام 1989، كنت السيد الأخضر الإبراهيمي العراب ومخرج إذا صح التعبير. اتفاق الطائف الذي أنهى حربا أهلية في لبنان استمرت خمسة عشر عاما. اليوم هل هناك من مقارنة بين المشهد الحالي في لبنان والمشهد في ذلك الوقت؟
الأخضر الابراهيمي
الفارق كبير جدا، في الثمانينات كنا نواجه حرب أهلية شرسة سيئة، أضرت بالشعب اللبناني كثيرا جدا، لكن لا تقارن بما تقوم به إسرائيل اليوم في لبنان وفي فلسطين ... فلسطين ليست فقط غزة، لكن أيضا في الضفة الغربية.
الإسرائيليون يقومون بعملية إبادة، إبادة شاملة، محاولة إبادة شاملة للشعب الفلسطيني.
وما يقومون به في لبنان ليس بعيدا بكثير، لا هناك فارق كبير جدا بين الحرب الأهلية في لبنان وما يجري، وما تقوم به إسرائيل اليوم في لبنان وفي فلسطين.
ميساء اسماعيل
عاصرتم والتقيتم جمال عبد الناصر، نيلسون مانديلا، كوفي أنان والعديد من الشخصيات العربية والعالمية، اليوم من يستحضرون في ذاكرتكم من تلك الشخصيات أو غيرها في ظل هذه الحرب في الشرق الأوسط؟
الأخضر الابراهيمي
الواحد طبعا يتذكر عبد الناصر، هواري بومدين في الجزائر، الله يرحمهم جميعا.
لكن أيضا نلسون مانديلا يعني اقتربت منه، بعض الشيء، أثناء التحضير وإقامة الانتخابات في سنة 1994، التي أنهت الأبارتايد في جنوب إفريقيا وأتت بنلسون مانديلا رئيسا لجنوب إفريقيا الجديدة.
ثم أنا كنت أحد الأعضاء المؤسسين في مجموعة الحكماء، أنا أسميهم العواجيز، هي مجموعة من الأشخاص الذين اختارهم مانديلا لمتابعة ما يجري في العالم.
مانديلا وعبد الناصر وهواري بومدين هؤلاء الأشخاص الذين يمكن تذكرهم والتفكير فيهم في المشهد الحالي.
عبد الناصر ويعني هواري بومدين لأنه استطاعوا في سنة 1973، طبعا عبد الناصر كان مات، لكن بومدين في الجزائر في مؤتمر عدم الانحياز في الجزائر سنة 1973، بعد حرب رمضان كما سميت بين إسرائيل ومصر وسوريا، استطاعوا أنهم يفعلوا الرأي المشترك للدول العربية وفرض استعمال سلاح البترول.
حبذا لو كانت الدول العربية قادرة الان، سواء المطبعة أو غير المطبعة أن يرفعوا صوتهم ... صوت واحد مشترك على أن الذي يجري في لبنان والذي يجري في غزة غير مقبول، وأظن أنه حتى روسيا التي تشترك مع الأوبك في موضوع البترول، لن تعارض استعمال سلاح البترول.
والمقاطعة ... المقاطعة ... يعني مش معقول أنه غزة دمرت بالكامل، والشعب الفلسطيني في غزة، لا اعرف كيف يعيش الناس ... أقصد الأحياء ... الناس يقولون إن عدد القتلى بلغ 40 ألف، أنا أشك في أن يكون يقتصر عدد القتلى على 40 ألف فقط وإنما هو أكثر بكثير، أضف إلى ذلك المعاقين والمرضى والجوعى.
الواحد يتمنى أن نشوف الدول العربية تتنادى بعضها البعض ويرفعوا صوتهم صوت واحد، على أنه لن نقبل بما يجري الان، أعتقد أن مثل هذا الصوت الواحد ممكن يكون له مفعول كبير جدا.