لماذا يطالبنا البعض بتبرير اختياراتنا الخاصة، حتى لو كانت لا تمس حياتهم؟
تحبين السفر وتنفقين جزءا مهما من ميزانيتك على السفر، بدل شراء المجوهرات مثلا؟ سيعتبرونك عبثية مجنونة وسيكون عليك تبرير اختيارك، رغم أنهم ليسوا ملزمين بالسفر وليسوا ممنوعين من شراء المجوهرات والساعات والحقائب الغالية.
اخترتَ أن تكون شخصا تقليليا لا تشتري إلا المنتوجات التي تحتاجها؟ سيكون عليك دائما أن تشرح أنك لست مجرد شخص بخيل، بل أنك تعتنق فلسفة حياة خاصةً بك... حتى إن اختلف معها الغير، إلا أنها لا تؤثر على اختياراتهم الشخصية إن كانوا مثلا يحبون الاستمتاع بالشراء. قد يكون الأمر موضوع نقاش مع شريكة حياتك، لأن اختيارك هذا قد يؤثر على تفاصيل حياتها أيضا. لكن جارك وزميلك وابنَ خالتك، لا يفترض بتاتا أن يكونوا معنيين بهذا الاختيار الحر والواعي.
اخترتِ التبني بدل الزواج لمجرد الإنجاب؟ بينت دراسة الملف والوضعية النفسية والاجتماعية والاقتصادية أنك أهل لهذه الأمومة المختارة؟ سيكون عليك تبرير هذا الاختيار أكثر من مرة، لمجرد أنه خارج السائد والمألوف.
تزوجتما واخترتما عدم الإنجاب لأسباب تتعلق بكما ؟ ابتداء من أسرتيكما إلى غاية ابن زوجة عم خالتك، وحارس العمارة، سيكون عليكما، باستمرار، أن تبررا هذا الاختيار؛ وأن تشرحا أنكما لا تكرهان الأطفال، وأن هذا الاختيار لا يعني أنكما لا تحبان بعضكما أو أنكما لا تنويان الاستمرار معا.
سيحاسبكما حتى أولئك الآباء والأمهات الذين أنجبوا بالخطأ أو بالعادة، ولم يسائلوا يوما هذا الاختيار؛ وأولئك الذين يتذمرون بشكل علني أو سري من المسؤوليات المعنوية والمادية والنفسية للأسرة والأطفال، وستضطران للتبرير حتى أمام ذلك الأب السلبي العنيف أو الأم المهملة المدللة... أمام الأب القاسي والأم التي تغذي أبنائها بعواطف سامة ملؤها الإحساس بالذنب...
بل فرضا تعلق الأمر بوالدين مثاليين، هل اختياركما عدمَ الإنجاب يؤثر على اختياراتهما الخاصة وعلى أسرتهما؟ هل اختياركما عدم الإنجاب يقتضي منع الغير من الإنجاب؟
متى سنتعلم أن الآخر حر في اختياراته الخاصة وأن تلك الاختيارات، مهما بدت لنا غريبة لأنها غير مألوفة، هي حقه أو حقها الحر، وأنها لا تعنينا مادامت لدينا خياراتنا الخاصة؟