في الدوائر الحكومية العراقية، تتزاحم الكراسي كما تتزاحم الملفات، والموظفون أكثر من المهام، والرواتب تسير في موعدها حتى دون انجاز، المشهد ليس طارئًا، انه بنية صلبة تراكمت لسنوات، صارت فيها الدولة رب عمل اول، ومعيلًا لجزء هائل من المجتمع.
أكرم الموصلي مواطن موصلي تحدث لإذاعة مونت كارلو الدولية قائلا:
صراحة هناك ترحل في المؤسسات الحكومية والعسكرية العراقية، سببها عدة أمور منها:وضع الشخص المناسب في المكان غير المناسب، كتعيين مهندس في التربية، أو محامي في دائرة الهندسة أو في دائرة إدارية. وغيرها من هذه الامور
ويضيف الناشط المدني محمود سعيد قائلًا:
أبواب الفساد مشرعة أمام هذه الحالة، ونسمع يوميًا عن كثير من المواطنين،أن هناك وظائف حكومية مقابل مبالغ مادية كبيرة
ووفق اللجنة المالية النيابية، فإن أكثر من عشرة ملايين عراقي يعتمدون شهريًا على الدولة، اكثر من أربعة ملايين موظف، أكثر من ثلاثة ملايين متقاعد، وأكثر من ثلاثة ملايين مواطن ضمن شبكة الحماية الاجتماعية، وتؤمن وزارة المالية العراقية، قرابة ثمانية تريليونات دينار شهريًا لتغطية هذه الرواتب.
جرير محمد صحفي عراقي:
اليوم أصبح سوق العراق كله، يعتمد على رواتب الموظفين فقط، يجب من الناحية الإقتصادية أن يؤخذ هذا بنظر الإعتبار، من جانب آخر لايحق لأحد برأيي أن يتحدث عن الترهل الوظيفي خصوصًا الدولة والسياسيين اذا لم يوفروا البديل وهو القطاع الخاص وإنعاش القطاع الخاص
ويؤكد مراقبون أن الخروج من عنق هذه الزجاجة ليس صعبًا بل يحتاج إلى توصيف دقيق للوظائف، إعادة توزيع على أساس الحاجة الحقيقية، رقمنة تغلق الأبواب بوجه الورق، وربط الأجر بالأداء لا بالحضور، عندها فقط، تصبح المكاتب أقل ازدحامًا والخدمة أكثر حضورًا.
ريم غسان مديرة مشروع "العدالة التحويلية" في نينوى:
عندما دخلنا الى الدوائر الحكومية، وجدنا عائق كبير يتعلق بالموظفين، ليست بيئة عمل آمنة، أجرينا العديد من التدريبات والورش للموظفين في الدوائر الحكومية حول التحول الرقمي؛ لسرعة الانجاز، للتخفيف عن كاهل المواطنين وعبئ التنقل وكذلك موضوع الفساد الإداري والإبتزاز داخل الدوائر، وجدنا مقاومة التغيير والتحول الرقمي من قبل الموظفين رغم وجود كتب رسمية من الحكومة العراقية توجه الموظفين نحو التحول الرقمي
ورغم تخمة الدوائر بالموظفين فإن المواطن يتنقل بين شبابيك الزجاج حائرًا ومستاءً، يطلب إنجاز معاملة بسيطة، فيصطدم بجدار “راجعنا بعدين”، ليتجلى غياب التخطيط بصورة واضحة وتبدو الدولة، كمن يبني مبنى بطوابق كثيرة، ثم ينسى لماذا بناه.