قرأت خبراً عن حرق كنائس في باكستان من قبل متطرفين إسلاميين ناقصي عقل، نسبة الأقلية المسيحية في باكستان هي 1.27%. بحثت عن أسماء الدول الإسلامية التي استنكرت هذا الفعل فلم أجد إلا بيانات استنكار من قبل دولتين عربيتين مسلمتين، والأزهر الشريف.
استغربت جداً كيف أن موضوعاً مثل هذا لم يتم استنكاره بشكل واسع خاصة أن الجريمة حدثت من قبل مسلمين، وكانت ستتسبب في موت أشخاص في داخل دور عبادة، وهم أقلية لا حول لهم، ولا قوة، لا تعاطف، ولا رحمة!
يثير التعجب أن نفس من تجاهلوا حرق الكنائس هم من جن جنونهم بسبب حرق نسخة واحدة من القرآن توجد منها ملايين النسخ، مع التنويه أن لا أحد اعتدى على أي مسلم، ولا تسبب لهم في أي أذى. كيف يعمل هذا العقل الذي يثير هيجانه تقطيع ورق، بينما لا يهتم بقتل بشر؟ نفس تساؤلي عن سبب عدم وجود أي ردود فعل غاضبة عن موضوع قتل المسلمين في الصين الذي يمر مرور الكرام، وكأن لا شيء يحدث ضد هذه الأقلية المسلمة في (الصين). ما السبب يا ترى؟
يبدو أن غضب المسلمين تحركه عدة جوانب أهمها جوانب سياسية تتعلق بجماعات دينية تحرك العقل العام للمسلمين يمينا ويساراً كما يريدون، وبحسب أجندتهم السياسية يتحكمون بعقل هذا المسلم، فيجعلونه متشنجاً غاضباً عنيفاً وقتما يشاؤون، ويجعلونه في حالة سبات وقتما يشاؤون.
أما بالنسبة للحكومات، فهي تشعر بالسعادة إن أصبح شغل مواطنيهم الشاغل هو حرق كتاب هنا، وهناك، بدلاً من الاعتراض على الوضع المتدني لحقوق الإنسان، والفساد الذي ينخر في هذه الدول، ولو لاحظنا من الدول التي غضبت، وخرّبت اعتراضا على حرق القرآن لوجدنا أنها دول تحكمها جماعات متطرفة لها نفس الأجندة السياسية.
أما من ناحية الإعلام فهو نوعان، هناك إعلام ساهم في تهييج الناس، وأجندته تتبع سياسياً نفس هذه الجهات، وهناك إعلام يبحث فقط عن الإعجابات، وعدد المشاهدات بغض النظر عن نتيجة ما يقوم بنشره. وفي وسط كل هذه الفوضى، وتدهور الوعي، وزيادة الجهل والعنف، والصدمات النفسية تصبح هذه الجموع الغاضبة خطرة جداً على هذا العالم، وتكون القوة -للأسف- في يد من يتحكم بهم.