تأتي تصريحات بنيامين نتنياهو المؤيدة لرؤية "إسرائيل الكبرى" في ظرف سياسي وأمني بالغ الاحتقان، في تتمة لما بعد السابع من اكتوبر والمنعطف في محنة غزة، والهجمة على الضفة الغربية، وجبهات إسرائيل الأخرى من لبنان وسوريا إلى اليمن وإيران.
وأياً تكن الرسائل الاقليمية والخارجية من وراء هذا التصعيد، يبقى البعد الداخلي هو الغالب اذ وردت التصريحات في مقابلة مع قناة تلفزة اسرائيلية وكانت موجهة لجمهوره وقاعدته المتطرفة من خلال التركيز على ارتباطه بهذه الرؤية، مضيفا أنه يقوم بـ"مهمة تاريخية وروحانية" لتحقيق أحلام أجيال متعاقبة من الشعب اليهودي.
هكذا يؤكد نتنياهو انحيازه لعقيدة توسعية ممتدة منذ نشأة الحركة الصهيونية، تتجاوز حدود الدولة المعترف بها دوليا، وتفتح احتمالات ضم أراضٍ عربية وفلسطينية.
يعيدنا مصطلح "إسرائيل الكبرى" إلى العقيدة التوراتية المسيحانية من عهد الملك سليمان، والتي يُفترض أنها تشمل الضفة الغربية، بالإضافة إلى أجزاء من الأراضي الواقعة في الدول المجاورة (الأردن ولبنان وسوريا ومصر)، والتي يحلم الإسرائيليون المتطرفون باحتلالها.
يجدر التذكير باختلاف النسخ المطروحة لهذه الرؤية، إذ يمتد بعضها ليشمل كامل أرض فلسطين التاريخية (من النهر إلى البحر) وأجزاء من دول الجوار، بينما تتبنى الصيغ الأكثر تطرفا ضم أجزاء من الأردن، ولبنان، وسوريا، ومصر، بل وربما بعض العراق وشبه الجزيرة العربية.
يتناغم هذا التوجه مع ما كرره رئيس الوزراء الاسرائيلي عن قرار بلاده تغيير وجه الشرق الأوسط استنادا للتوسع والغلبة متخطياً اتفاقيات التطبيع الإبراهيمية واتفاقيات السلام واتفاق أوسلو .
يستند نتباهو أيضاً إلى امكانية تناغم مع صديقه دونالد ترامب ، ودعم محسوم من التيار الإنجيلي الأمريكي المؤيد لإسرائيل الكبرى الذي هو تيار داخل المسيحية الإنجيلية يرى أن قيام دولة إسرائيل الكبرى وتحقيق نبوءات الكتاب المقدس حول عودة اليهود إلى أرض الميعاد هما أمران مترابطان وضروريان لحدوث نهاية العالم والمجيء الثاني للمسيح.
يبدو ميل نتنياهو لابراز الهيمنة الاسرائيلية ملتصقاً بالحروب العديدة التي خاضتها إسرائيل تحت قيادته في السنوات الثلاث الاخيرة . انطلاقاً من اعتماده على الأسطورة الدينية، يطمح بنيامين نتنياهو كي يكون " الملك داوود الجديد" على حساب استقرار الشرق الأوسط وحقوق الفلسطينيين وسيادة العديد من الدول تحت ستار الدفاع عن النفس والخوف من المستقبل
في مواجهة هذا التطور ، أدانت عدة دول عربية تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ونددت مصر والأردن بالتصريحات ووصفتها بأنها "تصعيد" و"تهديد لسيادة" دول المنطقة. وكان رد الفعل الاعنف من الأمير تركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودية الأسبق الذي قال ان نتنياهو شخص مهووس بالإبادة الجماعية .