أصدرت منذ يومين قاضية أمريكية حمكا يقضي بإيقاف العمل بقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منع جامعة هارفارد العريقة من استقبال الطلاب الأجانب لمواصلة الدراسة لديها.
ويعد القرار صفعة قضائية للإدارة الأمريكية التي تشن حربا بأتم معنى الكلمة على أغلب الجامعات الأمريكية تحت عناوين عدة منها الأمن القومي وتنامي معاداة السامية وتهديد تماسك المجتمع من طرف أفكار الووكيزم أو أفكار اليقظة. ليس من باب المبالغة القول هنا بأنه لم يسبق لهارفارد أن وجدت نفسها محاصرة من طرف السلطة التنفيذية على النحو الذي تشهده اليوم. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن الخلفيات الحقيقية لما يقوم به دونالد ترامب. هل بدوافع إيديولوجية أم أن الأمر مرتبط بطبيعة الشخص؟
مبررات دونالد ترامب في معركة لي الذراع مع هارفارد أصبحت معلومة وهو الذي صرح بها طوال حملته الانتخابية. تحدث كثيرا عن مدى اشمئزازه من الأفكار التقدمية المتعلقة بالمرأة وبالأقليات واعتبر أن الدوائر الأكاديمية في الجامعات الأمريكية وعلى رأسها هارفارد مسؤولة عن نشر هذه الأفكار التي تهدد وحدة المجتمع الأمريكي. كما عبر في عديد المرات عن امتعاضه من حملة المساندة للفلسطينيين التي اجتاحت أغلب الجامعات الأمريكية. وهو من هذا المنطلق يتهمها بأنها أصبحت فضاء لمعاداة السامية.
قد يبدو للوهلة الأولى أن مرجعية مختلف هذه التهم ومنطقها هو عقل سياسي إيديلوجي. أي أنها صادرة عن شخص محافظ بالمعنى المتعارف عليه يميل إلى المرجعيات الدينية والأخلاقية القريبة من الكنيسية الإنجيلية. غير أن مسار دونالد ترامب الشخصي يبقى بعيدا كل البعد عن الطهرانية الدينية وهو الذي لحقت به قضايا في مراودة نساء من تجارة الجنس وحتى قضايا اغتصاب. كما لا يُعرف عنه سابقا مواقف واضحة ضد العنصرية التي تستهدف اليهود.
لذلك نميل إلى اعتبار مواقف الرئيس الأمريكي من هارفارد ومن المعرفة عموما، انعكاسا لطبيعة البنية النفسية لشخصه، أكثر منه التزاما سياسيا أو أخلاقيا ما. فليس من الغريب أن تكون نقمة ترامب على عالم الجامعة والمعرفة مرتبطة بفشله في الحصول على حظوة لدى نخب مدينة نيويورك عندما كان شابا مغمورا تحت جناح أبيه. لأن عدم الاعتراف الاجتماعي والنخبوي يولد عادة رغبة في الثأر وحتى في الانتقام. لقد تحدث د. جي. فانس، نائب الرئيس الأمريكي، عن أحقية ترامب بجائزة نوبل للسلام، وفي نفس الوقت يتم استهداف أقوى جامعات العالم التي مر بتكوينها 162 حائزا على جائزة نوبل. إنها تصفية حسابات ماضي شخصي أكثر منها توجها نحو أمريكا أقوى.