أنت كفتاة مغربية، لن تجدين الجموع تحتج ضدك فقط حين تكون لك اختيارات فردية مخالفة لتصورات الأغلبية، بل أيضا حين تتزوجين بمن لا يروق لهذه الجموع. يعتبرون أن من حقهم التدخل في اختياراتك الفردية باسم حماية الأخلاق والأعراف، لكنهم يعتبرون أيضا أن من حقهم التعليقَ على اختيارك في الزواج.
مناسبة هذا الكلام: فيديو انتشر مؤخراً، يؤرخ لخطوبة شابة مغربية لرجل خليجي. فيديو بسيط، لحظة فرح إنسانية، تحوّلت في دقائق إلى لحظة هجوم جماعي. تعليقات ساخرة، اعتراضات، تكهّنات بالطلاق والاستغلال… رغم أن الطلاق وارد بغض النظر عن جنسية الزوجين! وكأن هؤلاء يرفضون أن تكون لفتاة مغربية اختياراتها، حتى في الزواج!
الغريب أن نفس هذه الجموع تصمت، بل أحياناً تبرر، عندما يتم تزويج طفلات صغيرات لمغاربة أكبر منهن بسنين، وبأعداد صادمة: أكثر من 20 ألف حالة زواج لقاصر في سنة واحدة حسب وزارة العدل. أين كانت "الغيرة الجماعية" حينها؟ لماذا لا تخرج الاحتجاجات عندما تُسرق طفولة قاصر باسم الزواج؟
لكن حين تختار امرأة راشدة عاقلة أن تتزوج من أجنبي، تبدأ دروس الأخلاق والقراءات المريبة. لماذا؟
أولا بسبب العنصرية: المغربي له الحق أن يتزوج من يشاء، فرنسية، أوكرانية، تونسية... لكن حين تختار المغربية شريكاً أجنبياً، تُستفز كل المحظورات. وهناك الآن تحديدا هجوم عنيف ضد كل الفتيات اللواتي تتزوجن شبابا من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء!
ثم هناك أيضا ميزوجينية عميقة: يعتقد الكثيرون أن المرأة، حتى وهي راشدة، لا تملك كامل حريتها في الاختيار، وأنها في حاجة لوصاية جماعية مستمرة.
كأننا نعتبر الفتاة المغربية "ملكية مشتركة"، لا يحق لها أن تُحب، أن تختار، أن تُخطئ أو تُصيب، إلا بما يرضي "الرأي العام"!
الزواج قرار شخصي. والطلاق، إن حدث، فهو وارد في كل زواج، سواء تم بين مغربي ومغربية أو بين شخصين من ثقافتين مختلفتين.
فلنترك الناس يختارون لحظاتهم وحياتهم، ولنتوقف عن محاكمة الحب عندما لا يشبهنا.