كنت أتصفح الإنستغرام فشاهدت فيديو لصديقتي وحولها الكثير من العرائس مع أغنية تقول "لابوبو لابوبو". استغربت ماذا حدث لصديقتي ولماذا هناك لُعب حولها. أعدت مشاهدة الفيديو لأفهم ماذا حدث لصديقتي ذات الأربعين عاماً، وماهي هذه اللعبة، فلاحظت أن العرائس بألوان وأوجه مختلفة ولكنها اللعبة نفسها، فلم أفهم لماذا اشترت هذه الكمية الكبيرة وماذا يحدث هنا؟
كان هذا حافزاً لي لأبحث عن معلومات تساعدني على فهم هذه اللعبة وفهم تصرفات صديقتي التي لم تكن في السابق محبة للعرائس. فاكتشفت أن هذه اللعبة صارت محببة للملايين حول العالم، الذين يلعبونها إلى حد الهوس.
اكتشفت أن هذه العروسة تختلف عن العرائس القماشية المعروفة فهي تبدو وكأنها (جنّي)، حسب المرسوم في الحكايات المتداولة، بفرو كثيف، وأذنين مدببتين، وابتسامة تظهر تسعة أسنان حادة. يعرفها صانعها بأنها شخصية أنثوية من قبيلة من الإناث المحبوبات والمغامرات، وطابعها يمزج بين الطفولة والمكر اللطيف ولكنها ليست شريرة كما تبدو.
عرفت أن شخصيات لبوبو تباع بسعر 12 دولارًا أميركيًّا، لكن بعضها يُباع بثلاثة أضعاف في السوق الثانوي. والكثيرون يشترون العشرات منها ثم يصورون الفيديو كنوع من المشاركة في هذا "الترند".
ومع زيادة البحث، نكتشف أن هذه اللعبة ليست جديدة فقد تم ابتكارها عام 2015 من قبل الفنان Kasing Lung وهو من مواليد هونغ كونغ وترعرع في هولندا. وظهرت الشخصية ضمن سلسلته المصوّرة للأطفال “The Monsters” أو الوحوش.
حاليًّا عندما تبحث في تيك توك عن إسمها ستجد أكثر من 300 نوع من اللبوبو، بأشكال وألوان مختلفة. يظهر الناس على وسائل التواصل الاجتماعية من كل الجنسيات وهم يفتحون صندوق المفاجأة الذي بداخله هذه اللعبة ثم يتفاجؤون بشكلها.. وهناك الكثير من المهووسين الذين يتنافسون على العدد الذي يتم شراؤه.
ظهرت اللعبة في البداية ككتب مصورة عام 2015 ثم دخلت عالم الألعاب بالشراكة مع شركة صينية pop Mart في 2019. ارتفاع شعبيتها المفاجيء كان بعد ظهور نجمة البوب Lisa من BLACKPINK في إبريل 2024 وهي تحمل دمية Labubu، مما أشعل انتباه وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وأسهم في انتشارها بين الجماهير الشبابية. تبعها نجوم عالميون آخرون مثل ، كيم كارديشيان، ريهانا، وحتى دايفيد بيكهام، ما عزّز من مكانتها كموضة عصرية. وفي مزاد في بيكين في شهر يونيو الجاري بيع لبوبو بحجم إنسان في مزاد علني بأكثر من 150 ألف دولار أميركي. نعم أنت لم تخطيء في قراءة السعر.
ولكن من يستفيد ماديًّا بهذا الهوس؟ أكبر المستفيدين ماليًّا من بيع شخصيات لبوبو هي Blind Boxes ، والتي تملك متاجر رسمية في باريس، ولندن، وسنغافورة، وكوريا، وغيرها، وقد ارتفعت أرباحها بنسبة 40٪ في 2024 بسبب لبوبو، بحسب تقارير السوق.
هناك أيضا شخصية نادرة من اللبوبو يشترونها ويبيعونها في السوق الثانوي بأسعار مضاعفة. مثال شخصية “Labubu Mermaid” النادرة وبِيعت بـ1000$ بعدما كانت تُباع بـ12$ فقط. البعض أصبح يتاجر بها كما تُتاجر الأسهم أو NFTs وهناك من أصبح مدمناً لهذه اللعبة مثل إدمان القمار.
كان من المفاجيء لي هو القراءة عن مخاطر هذه اللعبة من الناحية النفسية ؛ فبحسب دراسة شملت أكثر من 73,000 طالب صيني وجدت أنّ المشاركين الذين يفتحون الصناديق يواجهون مخاطر انتحارية أعلى (نسبة الأرجحية: 1.6–2.3)، وتظهر لديهم مستويات أعلى من القلق والاكتئاب، ويشتري بعضهم حتى بعد نفاد الأموال. لذلك، هناك قلق متزايد حول تأثير هذا النمط على الصحة النفسية للفئات الشابة.
هناك أيضا عنصر الغموض والندرة التي تنشّط خوف الفقد مما يحفّز الشراء السريع غير المخطّط له، والتراكم العاطفي مع كل فتح. خاصّة مع مشاركة المحتوى علىTikTok وإنستغرام، وتأثيره يصبح أكبر على من يعانون من الـADHDاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، واضطرابات المزاج حيث قد يوفّر متعة لحظية الإفراط فيها يمكن أن ينتقل إلى سلوك قهريّ.
اليست هذه المعلومات مخيفة ؟ وهكذا عرفنا أن اللبوبو ليست مجرد لعبة ذات وجه طفولي مع ابتسامة شريرة وهي أيضا ليست مؤامرة خبيثة كما يروج أصحاب المؤامرة. وإنما لها أيضا نتائج خطيرة إن تحولت لهوس. ولكن لا مشكلة من شرائها وتصويرها في وسائل التواصل الاجتماعية إن كان الهدف فقط المشاركة في هذا الترند العالمي كما فعلت صديقتي.