حولت الحكومة العراقية بعض معسكراتها القتالية إلى مراكز صحية لمعالجة مدمني المخدرات، وذلك بعد ارتفاع معدلات الإتجار والتعاطي معا. وزارة الداخلية وعلى لسان المتحدث الرسمي باسمها اللواء الدكتور سعد معن، اعتبرت أن ملف المخدرات أصبح أخطر من الإرهاب في العراق. تقرير أمل صقر من بغداد.
"ثلاث حالات انتحرت بسبب تعاطي المخدرات، بينهم فتاة عمرها 19 عاما"، هذا ما قالته رئيسة مؤسسة "نقاهة" لمعالجة مدمني المخدرات إيناس كريم عن عدد حالات الانتحار التي تم رصدها خلال فترة عمل المؤسسة من عام 2018 ولغاية اليوم.
تحدثت إيناس عن الفتاة ذات الـ19 عاما التي اختارت إنهاء حياتها بسبب الظروف الصعبة التي كانت تعيشها، إذ نشأت في أسرة كانت تعاملها بقسوة منذ طفولتها. ذات يوم أجبرت الفتاة على الزواج قسرا بشخص أكبر منها سنا، أجبرها بدوره على تعاطي المخدرات لتلبية رغباته الجنسية، فكانت النتيجة فقدان الأمل من التخلص من معاناتها فقررت الانتحار.
تقول رئيسة مؤسسة "نقاهة"، "لقد علمنا بأمرها بعد يوم واحد فقط من انتحارها، كانت تحاول التواصل معنا، ولكن مع الأسف كان ذلك متأخرا".
وتضيف "أكثر من يتعاطون المخدرات هم بعمر يتراوح بين 16 و25 عاما، وهذه سن حرجة حيث ينتقل خلالها الشخص من مرحلة المراهقة إلى الشباب، ويمر بعدة مراحل مع بيئته وأسرته. وأكثر فئة من المتعاطين هم الذكور، ولكن هذا لا يمنع بأن هناك الكثير من الفتيات يتعاطين المخدرات مع الأسف".
وتوضح بأنهم يصلون إلى حالات المدمنين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يقومون بنشر الكثير من حملات التوعية وبشكل خاص توضيح بأن القانون العراقي لا يعاقب من يحاولون تلقي العلاج، "وهذه المعلومة الكثير من الأشخاص من متعاطي المخدرات لا يعرفونها".
وزارة الداخلية العراقية تتعامل مع ملف المخدرات بأنه التحدي رقم واحد، بعد أن كان الإرهاب يحتل هذا المركز، لذلك بدأت بتحويل المعسكرات القتالية القديمة إلى مراكز لمعالجة مدمني المخدرات، كما يقول المتحدث الرسمي باسم الوزارة اللواء الدكتور سعد معن، "بدأنا بالفعل بتحويل المعسكرات القديمة للجيش وغيرها، إذ تم الاتفاق على أن تكون مراكز للعلاج من التعاطي والإدمان. نحن نركز على كبار التجار، لان المتعاطي في النهاية هو ضحية، ولا بد من الاشارة الى ان وزارة الصحة هي شريك اساسي يعمل على إدارة هذه المراكز وتوفير جميع المستلزمات العلاجية لها".
كما تم اتخاذ الكثير من الإجراءات، من ضمنها وضع شرط تقديم فحص تعاطي المخدرات للتعيين ضمن الوظائف الحكومية، وكذلك وضعت الداخلية ذات الشرط للحصول على إجازة قيادة سيارات أو أي رخص أخرى تصدر عن الوزارة.
وأوضح معن "إن جهود العراق في مكافحة المخدرات واضحة جدا على مستوى دولي، إذ سبق للعراق أن عقد مؤتمر دولي وتنسيق عالي المستوى بين الدول من أجل تنشيط الجهد الاستخباري والمعلوماتي في ما يتعلق بتجار المخدرات".
وأضاف أن "نتائج جهود وزارة الداخلية في مكافحة المخدرات كانت جيدة خلال العام الجاري، وتحديدا للفترة الممتدة بين مطلع كانون الثاني/يناير وحتى 15 تموز/يوليو، إذ تم ضبط أكثر من 12 مليون حبة مخدرات ونصف طن من مادة الكريستال، وكذلك إلقاء القبض على ما يقرب من 4500 تاجر ومروج، وتم إصدار أحكام قضائية بحقهم، والجهود مستمرة".
وزارة الصحة العراقية من جانبها وضعت خطة للحد من تعاطي المخدرات. وزير الصحة ورئيس اللجنة العليا لمكافحة المخدرات الدكتور صالح الحسناوي قال لإذاعة مونت كارلو "مشروعنا يتضمن أن يتم خلال العام القادم إنشاء مركز صغير أو وحدة صحية معنية بمعالجة متعاطي المخدرات في كل محافظة. كما عملنا على تعديل بعض الفقرات في قانون مكافحة المخدرات، والتي من شأنها تشديد العقوبات على تجار المخدرات، وفي ذات الوقت يتم التعامل مع المتعاطين كمرضى يستحقون العلاج".
حملات توعية المواطنين بخطورة تعاطي المخدرات التي تقودها وزارتا الداخلية والصحة مستمرة، وهي تستعين بفنانين وناشطين لهم حضورهم وتأثيرهم لتحقيق نتائج ملموسة. ويحاول العراق السيطرة على حدوده للحد من دخول المخدرات وبشكل خاص من إيران وسوريا وتركيا.