في عام 2010 كنت أتحدّث كثيرًا، أتحدّث عن كلّ المواضيع بدون تردّد. كنت أغرّد في "تويتر" وأقول رأيي عن كل بلدان العالم، العربية وغير العربية. لم أكن أشعر بالخوف أو التردّد، ولكن ذلك تغيّر كثيرًا. اليوم في 2025 وأشاهد فيلم "احنا بتوع الأوتوبيس"، وأردّد الجملة الشهيرة "يا جابر خليك في نفسك".
فتحت x -تويتر سابقاً- كلّ شيء تغيّر منذ أن تغيّر اسمه. لا أقصد هنا أن ماسك غيّر البرنامج فهذا موضوع تحدّثت فيه مسبقًا عدّة مرّات ولكنني أقصد أنّ العالم بشكل عام تغيّر.
في السابق كنت أتدخّل في شؤون الدول العربية وكأنها بلدي، ولم يكن هناك مشكلة في ذلك. ربّما هناك من يعترض عندما أنتقد دولته مثلًا ولكنني كنت أستمرّ في الظهور في قنوات هذه الدول وأزورها وأهلها يستمرّون في محبّتي، ولا مشكلة في ذلك، ولكن اليوم الوضع تغيّر تمامًا. اليوم إن فكّرت أن تتحدّث عن أيّ دولة غير دولتك ستأتيك عشرات أو مئات الحسابات التي تدّعي القومية، والتي الكثير منها حسابات وهمية، ولكنّ الباقي منها حسابات حقيقية أصبحت تخاف من أيّ غريب. سيقولون لك: "إنت مالك، وش دخلك، شو دخلك، خليك في بلدك ".. إلخ. ستقوم الدنيا وستظهر حملات لمقاطعتك وإقصائك من أيّ وسيلة إعلامية تابعة لهذا البلد، وإن زرتها فربّما تتعرّض للاعتقال! لذلك أنا قررت ألّا أتدخّل ولذلك أنا صامتة.
ليس هذا فقط، فالحديث عن مواضيع معينة -حتّى وإن كنت في بلد ديمقراطي وحرّ- لم يعد متاحًا بدون حدود، أصبحت هناك حدود وحدود ضيّقة. هذا قد يعرّضك لمشاكل لا حصر لها وربّما سيتمّ اتهامك بالإرهاب. لذلك أنا صامتة.
الصمت في هذا الزمان -خاصّة إن كنت لا تحمل الجنسيّة الأمريكيّة- هو الذي سيحميك. نحن ضعاف جدًّا أو بالإنجليزية fragile لذلك حتى وإن كنت تظنّ أنّ رأيك صائب، وهو الحقّ، انتبه، فالزمن تغيّر.. لا تويتر هو تويتر، ولا العالم مثلما كان. حتّى وأنا أكتب هذه الكلمات أقول لنفسي.. اصمتي "خليكي في نفسك".