وأنا اقرأ مناشدة زوجة أحد الذين اعتقلهم الحوثيّون من العاملين في الأمم المتّحدة أحزنني أنّها كتبت رجاء لزعيم الحوثيّين تقول فيه: "بالتأكيد يا سيّد عبدالملك أنّ هذا الخبر لم يصلك لأنّ هذا الظلم لا يرضيك". قرأت كلماتها، وقلت في نفسي: "بل يرضيه".
كتب صديقنا الصحفيّ نشوان العثماني: "الجماعات الدينيّة لا يمكنها أن تقوم بدور حركات التحرّر أبدًا؛ لأنّها بذاتها غير متحرّرة". تخيّل جماعة تقدّس زعيمها، وتعتبر معارضته بنفس درجة الخروج من الإسلام، كيف بالإمكان أن تكون هذه الجماعة هي من تدّعي بأنّها من ستحرّر أرضًا، أو وطنًا، أو فئة من النّاس. كيف من الممكن من جماعة تنهب أراضي النّاس مثل جماعة الحوثي أن تعيد أرض أيّ إنسان؟ كيف من الممكن من جماعة تسرق، وتحبس، وتعدم النّاس بدون حقّ أن تكون هي الجماعة التي ستنشر العدل في الأرض؟!
فاقد الشيء لا يعطيه، هذه الجماعات المتطرفة سواء كانت سنّيّة أو شيعيّة هي جماعات دينيّة لا تقبل إلا نفسها، ولا تؤمن بالتعايش، ولا بالعدالة، ولا بالمساواة. هذا شيء نعرفه جميعًا، ومن يعتقد أنّه من الممكن أن يستخدم هذه الجماعات للتخلّص من أعدائه ثمّ سيأتي دوره ليحكم، فهو واهم، وكما يقول المصريّون: "بيستعبط". هذه الجماعات لا يمكن أن تعطيك أيّ مكان إن انتصرت، ولتكن لك عبرة في ما حدث في الثورة الإسلاميّة في إيران، وما فعلوه باليساريّين بعد حكمهم. أو لماذا نذهب بعيدًا، فلننظر لما فعله الحوثيّون أنفسهم باليساريّين الذين دافعوا عنهم لسنوات، بمجرّد أن حكموا زجّوا بهم في السّجون.
يقول آينشتاين: "الغباء هو فعل نفس الشيء مرّتين بنفس الأسلوب، ونفس الخطوات، وانتظار نتائج مختلفة”. من الغباء أن تعيد، وتكرّر نفس الأخطاء. من الغباء أن تثق بجماعات دينيّة متطرّفة ظالمة، وتروّج لها، وتجعلها تستخدم صوتك لكي تسيطر على البسطاء من النّاس. تذكّر أنّ كلّ كلمة تكتبها لتؤيّدهم، فأنت تساهم في أن يتعرّض شخص جديد للظّلم، ولأنّك ساهمت في خداع البسطاء ستجد منهم من يكتب: "بالتّأكيد أنّ السيّد لا يعرف هذا الظّلم الذي يحدث"، وأنت وجميعنا نعرف أنّه أيضًا يعرف.