دائمًا ما نتحدث عن حرية الكلام والتعبير، ولكن لا أحد يتحدث عن حرية السكوت. ماذا إن كنت راغبة في أن أسكت في وقت لا يوجد فيه إلا خياران: أبيض، أو أسود.. ماذا لو كان هناك مكان في المنتصف.
يقول جلال الدين الرومي: "خارج مضمار كل الأفكار، كل مفاهيم الخير والشر، الفضيلة والخطيئة هناك مرج واسع بلا نهاية. سألقاك هناك". في كثير من الأوقات أجد نفسي غير قادرة على أن يكون لي رأي حاد في موضوع عام يتناوله الجميع. أن أرى عدة أوجه، وأن أشعر أنني لو شرحت وجهة نظري، فسيكون الأمر معقدًا، ولذلك أختار السكوت.
هناك مَن يفسّر السكوت بالضعف، ومَن يفسّره بالخوف، ومن يفسّره بأن معناه: "إنت مش معانا إنت من التانيين"، ويطلقون الأحكام، ويجهّزون المشانق. لكن الحقيقة أن السكوت قد لا يعني أيًّا من هذه التفسيرات؛ قد يعني فقط أن الشخص غير قادر على شرح وجهة نظره، ولا يجد الفريق الذي يمثّله، فلذلك يختار الصمت. هل يحق له ذلك؟ هل من الحرية أن تختار ألّا يكون لك رأي مثلما لديك الخيار أن تقول رأيك؟ لماذا لا يوجد بند في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يقول إن من حق الإنسان أن يصمت، وألا يتعرض للتجريح والأحكام المسبقة؟
عزيزي/ عزيزتي المستمع أو القارئ من حقك أن تسكت عندما تصبح الضوضاء خيار الغالبية. من حقك أن ترى الأشياء من منظور جديد ومختلف. من حقك ألّا تعبر عن رأيك في ترند الفنانة الفلانية، أو الأزمة العلانية. من حقك ألّا تعبّر عن أي رأي، من حقك أن تصمت.