في سيبيريا، يسعى الباحثون المهتمون بانعكاسات التغير المناخي على الكائنات النباتية والحيوانية إلى تسقط أخبار الدببة التي تعيش فيها عبر طائرات بدون طيار. ومن أهداف هذه الطريقة تحديد أعداد هذه الدببة التي يضعها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في قائمة الحيوانات الهشة المهددة بالانقراض.
من أهداف الباحثين الروس الأخرى في هذا السياق العمل على إنقاذ صغار الدببة البيضاء من الغرق بسبب ذوبان الجليد المتجمد بشكل غير معهود جراء ظاهرة الاحترار المناخي.
وفي كندا، أصبحت السلطات تخصص أموالا أكثر لتطوير الأبحاث المتعلقة بالدببة الهجينة التي هي نتاج تزاوج يحصل أكثر فأكثر بين الدببة البيضاء والدببة البنية. ويتم ذلك بعد أن وجدت الدببة البيضاء نفسها مضطرة إلى الفرار من مناطق الجليد المتجمد حيث كانت تعيش حتى الآن باتجاه الغابات حيث تعيش الدببة السمراء اللون.
ولايزال المهتمون ببيئة القطب الشمالي يتناقلون عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورة دب أبيض من دببة القطب الشمالي والمناطق المجاورة له. ويبدو هذا الدب فوق بقية كثيب من الجليد المتجمد وهو هزيل جدا.
وتقول المصورة الفوتوغرافية الألمانية كيرستين لنغربرغر التي التقطت هذه الصورة ووزعتها في أواخر شهر أغسطس -آب عام 2015 على شبكات التواصل الاجتماعي إن ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق في منطقة القطب الشمالي ومن حوله في السنوات الأخيرة عامل مهم من عوامل تدهور أوضاع الدببة التي تعيش فيها ولاسيما تلك المتصلة بالغذاء والتغذية.
فقد كانت هذه الدببة تقطع من قبلُ مئات الكيلومترات مشيا فوق المياه المتجمدة. وكانت تجد فيها بسهولة الحيوانات التي تتغذى عليها والأماكن التي تأوي إليها لترتاح أو تتكاثر. ولكن هذه البيئة تغيرت رأسا على عقب خلال السنوات العشرين الأخيرة.
لقد ارتفعت درجات الكرة الأرضية بوتيرة غير معهودة وعلى نحو أدى إلى ذوبان أجزاء كثيرة مما كانت دببة القطب الشمالي تعتبره مرتعها. وانعكس الأمر سلبا على الثروة النباتية والحيوانية الأساسية التي كانت تسمح حتى الآن للدببة بالعيش في أمان.
وكثيرا ما تقطع الدببة اليوم عشرات الكيلومترات دون العثور على أي شيء تقتات منه. بل إن التنقل في مراتع الأمس أصبح أمرا شاقا لأن الدببة تجد نفسها مضطرة أكثر فأكثر إلى السباحة في المياه على امتداد مسافات طويلة للتنقل من مكان إلى آخر يمكن العثور فيه على طريدة. ولكن الإعياء من جهة والجوع من جهة أخرى أصبحا عاملين مهمين من العوامل المتسببة في تدهور أوضاع دب القطب الشمالي المعيشية وبلوغه حدا يهدد بانقراضه عما قريب.
وما يزيد من قلق المهتمين ببيئة القطب الشمالي، أن هناك سباقا محموما يتصاعد وقعه يوما بعد آخر بين البلدان الواقعة من حول القطب الشمالي وأن هذا السباق تتسارع خطى المشاركين فيه على حساب الاعتبارات البيئية لأنه يتركز فقط على سبل استغلال كميات النفط والغاز الهائلة التي تحويها هذه المناطق واستخدامها ممرا بحريا جديدا بين أوروبا وآسيا وأمريكا لنقل البضائع.
وما يحز في أنفسهم هو أن صورة الدب الهزيل الذي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي لأشهر خلال عام 2015 قد التقطت في أرخبيل سفالبارد النرويجي حيث قررت الأسرة الدولية عام 2008 استخدام إحدى جزره مخزنا عالميا لعينات من كل الأنواع والأصناف النباتية التي تستخدم في التغذية البشرية والتي يمكن العودة إليها وقت الشدة أي بعد حصول كوارث طبيعية هائلة تقضي على المزروعات في العالم. ويدل موت الدببة جوعا في هذه الجزر حسب المهتمين بالبيئة على أن الإنسان لم يدرك بعد المخاطر المحدقة به جراء التغيرات المناخية القصوى.
ولابد من التذكير هنا بأن دببة القطب الشمالي تقدر أعدادها اليوم بين 22 ألفا وواحد وثلاثين ألفا. وهي تعيش أساسا في ولاية ألاسكا الأمريكية وفي كندا وجزيرة غرينلاند الدانماركية وجزرِ سفالبارد النرويجية وسيبيريا.