لا يختلف البيان الصادر عن المؤتمر المناخي الإقليمي الذي استضافته دولة الإمارات المتحدة يوم الرابع من شهر أبريل - نيسان عام 2021 عما دأبت عليه بيانات المؤتمرات الإقليمية أو الدولية المماثلة في ما يتعلق بسقف الطموحات والتذكير بأهمية العمل الجماعي للحد من الانبعاثات الحرارية والانخراط في منظومة الاقتصاد الأخضر. وهذا أمر محمود في المبدأ انطلاقا من أن كل مؤتمر يسلط الضوء على إشكالية التحدي المناخي هو مسعى مهم لإرساء قواعد وضوابط جديدة للعمل التنموي.
ورغم ذلك، فإن من يتابع مسار غالبية المؤتمرات الدولية والإقليمية التي عقدت بعد عام 2015 أي السنة التي تم التوصل خلال أيامها الأخيرة إلى اتفاق تاريخي وهو اتفاق باريس حول المناخ، يلاحظ أن بياناتها الختامية تحولت شيئا فشيئا إلى مشكلة حقيقية بدل أن تكون أداة من الأدوات التي تسمح بشحذ العزائم وتوحيد الجهود للمرور من مرحلة النوايا الحسنة إلى مرحلة الفعل في ما يتعلق بمعالجة القضايا المتصلة بالتغير المناخي وانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والجيوسياسية.
من يتابع مثل هذه المؤتمرات والقمم يلاحظ أن المشاركين فيها يظلون يرددون في بياناتها الختامية ويلفتون الانتباه إلى أن ملف المناخ مهم جدا وأن الضرورة تدعو لخفض بصمة الإنسان الكربونية على الكرة الأرضية والانخراط في جهود جماعية للحد من الانبعاثات الحرارية والتكيف مع هذه الانعكاسات.
ويقول عدد من خبراء التنمية المستدامة من جهة إن المنهجية الأسلم والأكثر جدوى في صياغة بيانات قمم المناخ الإقليمية تتطلب الإجابة بشكل دقيق على بعض الأسئلة المحورية منها التالية: ما الذي تحقق على أرض الواقع بين مؤتمر وآخر أو قمة وأخرى لجعل سلوكيات الإنتاج والاستهلاك تُدرج بحق في منظومة الاستدامة؟ ما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء نجاح المساعي العملية المندرجة في هذا الإطار أو المساعي الفاشلة ؟ ما الذي تقدمه البلدان الصناعية والبلدان ذات الاقتصادات الناشئة لمساعدة البلدان النامية الفقيرة على ترسيخ سلوكيات الاستدامة والتكيف مع أضرار التغير المناخي على اقتصاداتها وأوضاعها الاجتماعية والبيئية؟
ويقر كثير من هؤلاء الخبراء من جهة أخرى بأنه لا يمكن الحكم مسبقا على كل المؤتمرات والقمم المخصصة لقضايا التغير المناخي بأنها لا تقدم ولا تؤخر لأنها على علاتها تتضمن جوانبَ إيجابية.
ومن إيجابيات المؤتمر المناخي الإقليمي الذي عُقد في دولة الإمارات العربية في الرابع من شهر أبريل - نيسان عام 2021 أنه جمع ممثلي عدة دول عربية مشرقية وخليجية ومغاربية تحدثوا في ما بينهم عن مشاريع عدة يمكن إنجازها بواسطة التعاون الثنائي أو الإقليمي.
ومن إيجابيات المؤتمر أيضا أن جون كيري مبعوث الرئيس الأمريكي جوب بايدن للتغير المناخي حرص على المشاركة فيه لأن دور الولايات المتحدة في تفعيل اتفاق باريس حول المناخ أساسي.
ومن أهم العوامل الإيجابية في هذا المؤتمر أنه يتزامن وطرحا جديدا أصبح لدى عدد من بلدان منطقة الخليج المنتجة للنفط والغاز. فقد كان أصحاب القرارات السياسية في هذه البلدان يتعاملون مع مَن يشدد على أهمية التخلص التدريجي من الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري كما لو كان خصما. ولكنهم اهتدوا شيئا فشيئا إلى أن الاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة ولاسيما الطاقة الشمسية نعمة وليس نقمة لأسباب كثيرة منها أن هذا التوجه يسمح لبلدانهم بإيجاد بديل عن النفط والغاز عند نضوب آبار النفط والغاز بالإضافة إلى أن الاعتماد على الطاقة الشمسية لاستخراج النفط والغاز يحد من كلفة الإنتاج ومن الانبعاثات الحرارية.