يهدف إلى فهم كيفية تعريف الجنون، وتصنيفه، وعلاجه، وكيفية تعامل المجتمعات معه عبر التاريخ. يشير الكتاب إلى أن دراسة هذا الموضوع معقدة وتتطلب دمج وجهات نظر متعددة من مؤرخين، وفلاسفة، وأطباء، وعلماء اجتماع، ومحللين نفسيين. منذ العصور القديمة، كان الجنون يُفسَّر غالبًا على أنه عقاب إلهي أو نتاج صراع بين قوى الخير والشر، كما في بلاد فارس. بدأ اليونانيون القدماء في التمييز بين أمراض الجسد والروح. قدم أبقراط أساسًا للمنهجية الطبية التي تركز على الملاحظة ونظرية الأخلاط الأربعة لتفسير الأمراض النفسية. في العصور الوسطى، استمر ربط الجنون بالخطيئة، وظهرت فكرة "مجانين الله". كان المرضى غالبًا يُسخر منهم أو يُحجَزون في المنازل أو "أبراج المجانين"، وكانت رحلات الحج العلاجية إلى أضرحة القديسين شائعة لطلب الشفاء. مع بداية العصر الحديث، وبخاصة في القرن السابع عشر، برزت المستشفيات العامة التي كانت تؤوي الفقراء والمتسولين وبعض المصابين بالجنون بهدف السيطرة عليهم وتنظيمهم، لا بالضرورة علاجهم. يورد الكتاب أن ميشيل فوكو يرى أن "لحظة" الاعتقال الكلاسيكي قد حدثت في هذه الفترة كاستجابة مجتمعية للبؤس، وليس كتطور طبي. ومع ذلك، يطرح الكتاب وجهات نظر أخرى تشير إلى أن الاحتجاز كان موجودًا قبل ذلك، وأن المستشفيات العامة كانت تواجه تحديات مالية وإدارية. في هذه الفترة، بدأت تظهر علاجات طبية قاسية مثل الفصد والعلاجات المسهلة والصدمات الكهربائية. شهد القرن التاسع عشر "ميلاد الطب النفسي" كاختصاص مستقل. دافع رواد مثل بينيل وإسكريول في فرنسا عن مفهوم "العلاج الأخلاقي" الذي يركز على التعامل بلطف وتفهم مع المرضى العقليين، مع تطبيق النظام والانضباط والعمل كوسائل للعلاج. ومع ذلك، فإن ظروف المصحات غالبًا ما كانت صعبة، تتسم بالاكتظاظ وسوء النظافة ونقص الموارد. في القرن العشرين وما بعده، أدت التطورات في الأدوية النفسية (مثل الكلوربرومازين في الخمسينيات) إلى تحول كبير، مما أدى إلى انخفاض أعداد المحتجزين في المصحات وظهور حركة "التفكيك" التي دعت إلى الرعاية المجتمعية. كما ظهرت نظريات نفسية جديدة مثل التحليل النفسي لفرويد والظواهرية. وتناول الكتاب أيضًا حركات مناهضة للطب النفسي التي انتقدت ممارساته وفعاليته. استمر الجدل حول تصنيف الأمراض النفسية، مع تحديات في التمييز بين الأسباب العضوية والنفسية. يخلص الكتاب إلى أن الجنون يظل ظاهرة معقدة ومتغيرة باستمرار، وأن تاريخه يعكس التفاعل بين التصورات الثقافية والاجتماعية والسياسية والطبية للعقل والسلوك البشري. ويؤكد أن الطب النفسي لا يزال يبحث عن طرق أكثر فعالية وإنسانية للتعامل مع تحديات الأمراض العقلية.