لماذا تنتقد بلدك؟
لماذا تنتقد والديك؟
لماذا تنتقد التقاليد المجتمعية؟
لماذا تنتقد الذكورية في المجتمع؟
هناك حولنا من يخيفهم أي تصور نقدي لما هو سائد:
تنتقد سياسة بلدك؟ أنت عدو وتساهم في مؤامرة الأعداء.
تنتقد بعض الممارسات الدينية؟ أنت عدو للدين وممول من جهات معينة.
تنتقد بعض العادات المؤذية في مجتمعك؟ أنت منسلخ عن هويتك.
تنتقد بعض مظاهر الذكوربة في الثقافة الشعبية أو في اللغة أو في الممارسات الدينية؟ أنت شخص حاقد مستلب ممول من لوبيات أجنبية.
للأسف، هناك ثقافة سائدة تطلب منا أن نسير مع التيار. أن نقبل ما هو سائد ومتعارف عليه. أن نسَلُّم بما هو شعبي متأصل.
الثقافة السائدة ليست كلها سيئة. إنها بالتأكيد تشمل عناصر تشكل جزءا من هوياتنا ومن مشتركنا الثقافي والديني والشعبي.
لكنّ الأكيد أن بها تمظهرات أخرى تحتاج منا الانتقاد، لأنها مؤذية أو لأنها لم تعد صالحة لزمننا. تفاصيل كثيرة في الدين، في العلاقات، في الثقافة السائدة، كانت مناسبة، بل وربما إيجابية، في بعض الأزمنة... لكنها لم تعد مناسبة اليوم، لمنظومة ثقافية وحقوقية جديدة.
الأمثلة كثيرة ومتعددة، بين مختلف أشكل التطبيع الديني والشعبي مع العنف ضد النساء وضد الأطفال، تشغيل الأطفال، تزويج الطفلات، قهر النساء، العلاقة بين الجنسين، العنف ضد الآخر المختلف، أشكال الاستهلاك غير المعقلنة، وغير ذلك.
نفس الشيء بالنسبة لقداسة بعض العلاقات العائلية والمجتمعية. العلاقات الأسرية في مجتمعاتنا أمر جميل جدا: هذا الترابط والسند والدعم والأوقات الرائعة التي نقضيها مع أسرنا. لكن، في نفس الوقت، علينا أن نعترف أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للجميع. هناك، للأسف، أشخاص يعانون من علاقات سامة مع آبائهم أو أمهاتهم. جميعنا نحمل عقدا نفسية وتراكمات من الاضطرابات، بعضها قد يكون عنيفا وشديدا. والآباء والأمهات ليسوا جميعهم بعيدين عنها ولا هم مقدسون.
لا يمكننا أن نلوم شخصا يشتكي من علاقته السامة بوالده أو والدته لمجرد أننا نؤمن أن كل الآباء رائعون وكل الأمهات مقدسات. بعضهم قد لا يكون كذلك وبعضهم قد يكون سيئا بالفعل. فهل نسقط علاقاتنا وأحيانا تمثلاتنا الإيجابية لهذه العلاقات الأسرية على الجميع؟ وهل نمنع شخصا من انتقاد واقعه لكي ينجو منه بسلام ولا ينقل هذه العلاقة السامة لجيل آخر بعده؟
باختصار، الانتقاد ليس كرها... هو سلوك إيجابي لواقع وثقافة وممارسات ومعتقدات وعلاقات نحتاج أحيانا أن نطورها بدل تقديسها.