في كلّ يوم تسأل يُمنى والدتها: "متى يرجع بابا؟" فتردّ والدتها بحزنٍ: "قريبًا"، ويتكرّر السؤال وتتكرّر الإجابة يوميًّا إلى أن مرّ عام كامل، وما زالت يُمنى تنتظر والدها الطبيب اليمني المعروف، علي المضواحي.
كتب حقوقيّ يمنيّ عن الدكتور علي قائلًا: "الدكتور علي المضواحي، عرفته في العام 2008 من خلال عملي في الوكالة اليابانية للتعاون الدولي. أقسم بالله أنه من أنبل الناس الذين تقاطعت حياتي بهم. من الكوادر الطبية النادرة، ومن الكفاءات التي يجب أن يكون مكانه المستشفى وخدمة المجتمع وليس المعتقلات. وهو فوق هذا كلّه، شخص بخلق عظيم". فمن هو هذا الطبيب، ولماذا هو في السجن؟
الدكتور علي، هو من الأطباء القلائل في اليمن الذين لديهم خبرة تفوق الـ25 سنة في مجال الرعاية الصحية، وتقوية النظم، والاستجابة الإنسانية، والتواصل الصحّيّ. شغل منصب مدير عام صحّة الأسرة في وزارة الصحّة باليمن، حيث أشرف على برامج التحصين والتغذية، وصحّة المدارس، والتثقيف الصحّيّ.
لم يكن الدكتور فقط ناجحًا في عمله، ولكنه كان محبوبًا ويحترمه كلّ من عرفه. في بيته كان محبًّا لعائلته الصبورة التي انتظرت عامًا كاملًا غير مصدقين. اعتقدوا أنه سيخرج سريعًا، وأن هناك خطأ ما، ولكنهم تفاجؤوا أنّ عامًا كاملًا مرّ وما زال الدكتور مخفيًّا.
الدكتور علي، لا توجد تهمة واضحة ضدّه، ولا أحد يعرف مكان احتجازه. كلّ ما نعرفه بأنه كان يعمل مع منظمات دولية كبرى، منها منظمة الصحّة العالمية، والبنك الدولي، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، والتحالف العالمي للقاحات، مساهمًا في تعزيز التحصين، وصحّة الأمّ والطفل، والاستعداد للأوبئة، والإغاثة الإنسانية. هذه الأعمال التي قد تبدو للجميع بأنها تصبّ في مصلحة الوطن، ومفيدة لليمن. لكنّها تُعتبر من الجرائم بالنسبة للحوثيين. فقد قبضوا على عشرات من العاملين مع الأمم المتحدة، ولا أحد يفهم السبب. وللأسف كان دور الأمم المتحدة متخاذلًا، فهي لم تبذل جهودًا كافية لإطلاق سراح موظفيها الذين سجنوا بسبب عملهم معها، عدا بعض المطالبات الخافتة، والمطالبة بخروجهم بين الحين والآخر.
الدكتور علي المضواحي هو ثروة لليمن، طبيب في وقت اليمن في أشدّ الحاجة فيه لمن هو بمثل درجته من التعليم والخبرة، ولكن ويا للأسف بدلًا من تقديره، وتقدير اختياره خدمة اليمن بدلًا عن الهجرة، زجّوا به في السجون، وكأنهم يقولون: "إن كنت شخصًا متعلّمًا، فارحل من اليمن".
تكتب زوجة الدكتور علي مناشدات يوميّة على أمل أن يسمعها أصحاب القرار، ويرحموا هذا الطبيب الإنسان، ويطلقوا سراحه. ربّما يصل صوت طفلته الصغيرة التي لم تتوقّف عن السؤال: "متى يرجع بابا؟".