" من قلة الخيول شدوا على الكلاب سروج" .. هذا مثل عربي متداول في منطقتنا، قرأته منذ أيام في معرض التعليقات على منشور في الفيس بوك يتكلم عن بؤس مشهد التأثير والمؤثرين العرب!
المشكلة ليس في فكرة المفاضلة بين الخيول والكلاب كحيوانات محترمة ومفيدة للبشرية. المشكلة في تشبيه الشخصيات غير المفيدة أصلاً، بل والمسيئة والمدمرة للعقل والذكاء وما تبقى من أخلاق لكائنات أعطت على مر الزمان للبشر خدمات جليلة في التنقل والحراسة والصيد.
لتأكيد المؤكد.. إن عصرنا هذا الذي نعيشه هو عصر أدوات مواقع التواصل الاجتماعي التي لا نملك منها شيئا ونحن (بإرادتنا) متأثرين بكل ما هب ودب.
في خضم ما نعيشه وتعيشه بلادنا من تحديات اقتصادية وسياسية، بل و(وجودية)، يظهر موضوع المؤثرين بشكل قد يبدوا تافها وسطحياً لكنه ليس كذلك أبداً والدليل الأكثر فجاجة مؤخراً كان التفاصيل في حديث نتنياهو أثناء اجتماعه مع بعض المؤثرين الأمريكيين بعيد ما تمت صفقة بيع التيك توك للولايات المتحدة..
كما تعلمون تتراوح تخصصات المؤثرين من الدين والدعاة الى الأزياء ومدربي التنمية الذاتية وتوابعهم الى الرحالة والطباخين.. أما الفئة الأوسع انتشاراً في بلادنا فهي المهرجين ومثيري الجدل من الشخصيات الغارقة في الاسفاف والسطحية الفرق أن الوضع قبل ظهور مواقع التواصل كان في أن سطوع الشخصيات العامة يجري من خلال قنوات اجتماعية وسياسية وإعلامية وليست على الغارب وبشكل أقل إثارة للجدل بالتأكيد.
الأنظمة السياسية وأصحاب رؤوس الأموال كانوا وما زالوا طبعا يدعمون ويستفيدون من هؤلاء بالاستمالة والترغيب والترهيب بحسب قيمة الشخص ووضعه الاجتماعي أو السياسي سابقاً وعدد المتابعين حالياً!
مشهد التأثير في عالمنا العربي يدعو للغثيان.. فاذا استثنينا بعض التخصصات العلمية والرحالة والطباخين سندخل في ثقب أسود من الهلامية الفكرية والعقلية واسترخاص النفس البشرية الى حد الانسحاق لجني أي مكاسب مادية.
المؤثرون والمؤثرات العرب (في غالبيتهم) لا يحملون رسالة فكرية، سياسية أو حتى إنسانية. حتى معظم الفنانين العرب ينأون بأنفسهم الا عن مديح أرباب نعمتهم!
تذكروا... لعلكم تعقلون..
أدوات التأثير بأيديكم أنتم ... كل متابعة.. كل لايك ... كل تعليق سلبي أو إيجابي وكل شير حتى وإن كان على الخاص
يعتبر (تفاعل) بلغة التطبيقات.
التطبيقات (التي لا نملك من إعداداتها والتحكم بها شيئاً)
التطبيقات (التي تقرر اغداق المشاهدات على مواضيع معينة وأشخاص معينة بالملايين)
أنتم تملكون أنفسكم بوعيكم ومن يملك الأدوات يملك الرواية.