في العراق طبيبة نفسية تقرر الانتحار.. تعطل الكاميرات، ثم تقرر أن تشق يدها الى العظم بشكل طولي يصل الى 9 سم بعدها وبيدها المشقوقة تشق يدها الثانية بشكل متماثل طوليا الى العظم (بأداة غير موجودة)!
بعدها أو قبلها تضرب نفسها فتصاب بكدمات على جسمها وتحز رقبتها بحبل أو ما شابه لم يعثر عليه وتكتب بخط عريض على حمام غرفتها (أريد الله)!!!!
مقتل الدكتورة بان في العراق بالطريقة المفجعة التي تداولتها الاخبار وصورتها على مواقع التواصل الاجتماعي ما هو إلا مرآة دامية لواقعٍ يُصرّ على خنق النساء، ليس في البيوت فقط، بل في الفضاء العام والسياسي أيضًا.
الإحصاءات تكشف حجم الكارثة: في 2021 سجّلت وزارة الداخلية العراقية أكثر من 14 ألف حالة عنف أسري، وفي 2022 ارتفع الرقم إلى ما يقارب 20 ألف حالة مسجلة. منظمات المجتمع المدني وثّقت مقتل أكثر من 125 امرأة بين 2020 و2023 في ظروف مرتبطة بالعنف الأسري أو بدوافع تُصنّف "شرفية". وفي إقليم كردستان وحده قُتلت أكثر من 30 امرأة في عام 2023، كثير منها بلا محاسبة حقيقية.
لكن الخطر أبعد من "العنف المنزلي". هناك عنف سياسي منظم يستهدف النساء حين يرفعن أصواتهن. الناشطات اللواتي شاركن في احتجاجات 2019 في بغداد ومدن الجنوب واجهن تهديدات علنية، اختطاف، وحتى اغتيال. والرسالة واضحة: كل امرأة نزيهة ومستقلة تحاول أن تكون فاعلة في المجال العام يجب إسكاتها.
(وهذا أمرٌ ليس حكراً على العراق وحدها بالطبع)
من هنا يصبح مقتل الدكتورة بان ليس حادثة معزولة، بل جزءًا من سياق سياسي يخاف من حضور النزاهة بصوت المرأة. طبيبة شابة، صاحبة صوت ووجود مستقل، كان لا بد من كسره. أن تُسجَّل الجريمة في مجلس القضاء الأعلى على أنها "انتحار" يعني أن النظام متواطئ مع من قتلها.
المجتمع بدوره لم يبرّئ نفسه؛ بعض الأصوات سارعت لتصوير ما جرى كخلاف أسري، أو محاولة لتجريد الضحية من رمزيتها. أما عائلة الدكتورة بان فقد اختارت أن تدعم رواية الانتحار، هذا الصمت، وهذا التبرير، هما ما يحوّلان الجرائم إلى روتين يومي.
الدكتورة بان وقبلها الأستاذة الجامعية سارة العبودة هي صورة لنساء كثيرات في العراق، يُقتلن مرتين: مرة بالسلاح، ومرة بالخوف، والصمت، والإنكار. مواجهة هذه الجريمة تكون بتسمية الأشياء بأسمائها: جريمة قتل لها أبعاد سياسية واجتماعية، ودولة متواطئة، ومجتمع يحتاج أن يقرر في أي صف يقف. غضب الرأي العام إن وجد والخروج في وقفات لعدة أيام والكتابة على مواقع التواصل لن تعطي الدكتورة بان وكل الضحايا حقوقهن.
هذه جريمة مكتملة الأركان والتحرك في مواجهتها يجب أن يكون حقيقي وبأدوات تشريعية فعالة.