سنسميه طارق. تقول الحكاية، وهي حقيقية بالمناسبة، إنه كان يحب فتاة؛ لكن عادات وتقاليد أسرته تمنعه من الزواج بفتاة كانت له علاقة بها. امرأة فاسدة لا تصلح للزواج. غريب كيف أن المجتمع يرى في امرأة كانت على علاقة برجل "امرأة فاسدة"، ولا يلقي نفس اللوم على الرجل الذي كان معها في علاقة. وحدهن النساء يحملن صفة الفساد والعار، أما الرجل فلا يعيبه شيء.
رضخ الشاب لقرار العائلة ولقرار أمه تحديدا.
مباشرة بعد زواجه، اكتشف أن حبيبته السابقة حامل. ساعدها ماديا خلال فترة الحمل، لكنه لم يستطع الاعتراف بالطفل ولا تحمل مسؤولية الأبوة. أنجبت طفلها كأم عازبة وتخلت عنه واختفت.
مرت الآن أكثر من عشر سنوات على هذا الحكاية. لا يعرف طارق شيئا عن حبيبته السابقة ولا عن ابنه. وأبشع من ذلك، يعيش حياة زوجية تعيسة مع امرأة لم ينسجم يوما معها. أصبح شخصا منطفئا. حزينا. منعزلا.
جزء أساسي من المشكل أننا في مجتمع يعتمد على معايير في اختيار الشريك والشريكة، ليس من ضمنها الحب ولا الاختيار الشخصي للآخر. القبيلة هي التي تختار بمعايير السمعة والجمال والعذرية للنساء، والمركز والإمكانيات المادية للرجال. والحب ضمن كل هذا؟ والاختيار الحر لشخص سنعيش معه الحزن والفرح والحب والخصام وإكراهات الحياة؟ ليس ضروريا...
ليست كل قصص الحب تضمن السعادة الزوجية. هذا أكيد. الحياة الزوجية لها تعقيداتها وإكراهاتها، خصوصا في مجتمعاتنا حيث لا يزال دور العائلة حاضرا وبقوة. لكن الأرجح أن طارق والكثيرين أمثاله، لو اختار العيش مع الإنسانة التي أحبها، لكان اليوم أكثر سعادة.
معايير المجتمع صنعت على الأقل ثلاثة أشخاص تعساء: طارق، حبيبته السابقة والطفل مجهول المصير. ومن يدري، لعل زوجته نفسَها، والتي اختارتها الأم بمعاييرها، هي أيضا امرأة تعيسة لأنه تم إجبارها على الزواج بشخص ربما أحبت غيره وربما، على الأقل، لم تحبه يوما.
فإلى متى سنتدخل في أكثر قرارات الأفراد خصوصية وحميمية وتأثيرا على الحياة اليومية بكل تفاصيلها؟ ومتى سنقتنع أن معايير القبيلة في اختيار الزوج والزوجة ليست أبدا ما يصنع السعادة الزوجية ولا أسرا متوازنة؟