تقبع صخرة كبيرة على صدرها من جهة القلب، تعصره، تكاد تسمع صوت صكيك الاضلع تتهشم واحدة تلو الأخرى..
تجلس في فضاء السكون تلملم دمعاً غزيراً ينشف على حدود المآقي قبل أن ينهمر فيصبح سيلاً هادراً في أحشائها يغرق نفسها المطحونة بين رحى عوالم مجنونة ليس لها علاقة بما تعلمته عن الاخلاق والإنسانية والحق والخير وحتى أسوأ كوابيس الشر !!!
تعترف أمام ورقتها البيضاء أن هذه مرحلة فاقت ما يمكن لحواسها أن تحتمل من تناقض وخيبة ولامنطق !!!
ماذا تكتب وهي تعيش في مدينة وادعة بينما يدوي في عقلها صدى صراخ الصغار من هول القصف وفقدان أمهم التي ذهبت تبحث عن وجبة تسد بها رمقهم فعادت مقتولة برصاص قناص ومحمّلة على عربة حمار منهك؟؟؟
ماذا تكتب وهي تجلس بجانب بحيرة هادئة وادعة يتمشى على جنباتها الناس، يمسك المسنون أيدي بعضهم ليكملوا طريقاً طويلا قضوه يدفعون رهن بيتهم وبعض ما تيسر لشيخوختهم، وهي تراقب الأطفال يركضون حول أهلهم يتضاحكون بفرح ويلاحقون كلابهم المدللة!
ثم تفتح هاتفها لتتابع تقريراً عن طفل في الحادية عشر خسر وزنه من التجويع، يجوب الطرقات المهدمة، يبيع أكياس مياه صغيرة ببعض العملة ليشتري بعض الطعام وفوط الأطفال لأخوته الصغار!
ما هذا الذي يشغل بال الناس؟
عرس باذخ (لمؤثرة) على رجل غني؟؟ أغنية غبية لفاشينيستا تلهث لتبقى حديث الناس!! طلاق بسبب الخيانة !!! مغن متصابٍ يقبل معجباته !!! حفلات الساحل الشمالي !!! مهرجانات الغناء في الأردن والمغرب وتونس والسعودية!!!!
بالأمس يقول خبر قصير لم ينتبه له أحد.. انقطاع الكهرباء التام في كامل أنحاء العراق بسبب ارتفاع أحمال المنظومة بكربلاء وبابل!!
ثم جاء خبر .. إسرائيل تغتال ستة صحافيين بصاروخ مزّق (خيمة الصحافة) التي جلسوا فيها قرب (مستشفى الشفاء)... بعد التحريض والتهديد لأنس الشريف بالقتل مراراً ها هي إسرائيل تنفذ الجريمة دون أن يرف لها جفن، بل أنها تعلن سعادتها بنجاح الاغتيال!! وبهذا يعتبر محمد قريقع و إبراهيم الظاهر، مؤمن عليوة، محمد نوفل ومحمد الخالدي أضرار جانبية بالنسبة لبعض الإعلام الغربي الذي تبنى الرواية الإسرائيلية.
ماذا تكتب؟ هل تكتب رسالة رثاء رقم 238 لزملاء الصحافة الذين قتلتهم إسرائيل ؟
ربما عليها أن تكتب قصيدة هجاء في كل من أعرب عن أسفه وتضامنه وإدانته لكنه لم يحرك ساكناً لوقف الاغتيال قبل أن يحدث.