لي صديقة تعيش في اليمن تصوّر لنا بهاتفها بين حين وآخر شوارع صنعاء وهي تتجوّل بسيارتها. وفي إحدى المرات صوّرت لنا مجموعة من الجِمال التي تقف في طريق السيارات، وهو شيء لم يكن موجودا في السابق، ومن المحزن أنّ اليمن تعود كل يوم للوراء. ولكن لم أشعر بالحزن على تدهور الشوارع بقدر حزني من نظرات الطفل الذي كان واقفًا وهي تسأله عن كيف بإمكان سيارتها أن تتجاوز الجِمال. نظراته كانت بالضبط مثل نظرات زين من فيلم كفر ناحوم.
زين هذا الطفل الذي حملت عيناه الكثير من الأحزان والقهر. رأيت هذه النظرات أيضا في فيديو لطالبات يمنيات في عمر العشر سنوات ربّما مثل عمر زين وهنّ يبعن المياه في "الجولة"، ويرتدين ملابس المدرسة. فتيات يحاولن أن يجمعن مصروفًا يساعدهنّ على الحياة.
في كثير من الأحيان أقرأ جدالًا في وسائل التواصل بخصوص من يجلبون أطفالًا إلى هذا العالم رغم الواقع السيّء. كثيرًا ما قرأت من يقول "أنت تعيش في حرب ودمار لماذا تنجب أطفالًا؟ أنت فقير لماذا تنجب أطفالًا؟ "… إلخ.
وفي الجانب الآخر هناك من دافع عمّن ينجبون أطفالًا رغم ظروفهم السيئة، وقال أنّ من أنانية الأثرياء رغبتهم بحرمان الفقير حتى من متعة أن يحمل طفلًا يجعل حياته أكثر سعادة.
والحقيقة أصابتني الحيرة. هل نلوم من يعاني بأنه يجلب المزيد من الأطفال الذين سيعانون بدورهم؟ أم من المفترض أن نتفّهم بأنّه إنسان يجد سعادته في أن يكون لديه أطفال أو ربّما يرى أنّ هؤلاء الاطفال سيكبرون ويعملون وسيساعدونه في تحسين حياته.. هل هذا استغلال وأنانية أم أنه حقّ أصيل لكل إنسان؟
خطر في بالي هذا السؤال وأنا أشاهد فيلم كفر ناحوم والطفل يشتكي على أهله في المحكمة أنّهم جاؤوا به إلى هذه الدنيا، وهناك من قال لوالديه "إن كنتم غير قادرين على تربيته لماذا جلبتموه إلى هذا العالم". الفيلم مؤلم جدًّا لأنّه ذكّرني بكلّ الأطفال الذين يعانون في هذا العالم سواء بسبب الفقر أو الحروب. ولكنني رغم ذلك أجد صعوبة في أن أجيب عن سؤال "هل من حقّهم في هذه الظروف أن يجلبوا مزيدًا من الأطفال أم لا؟". ربّما أنتم لديكم الجواب.