هل تريدون أن تفهموا؟ لماذا يعترض الغزيّون على عمليات الإنزال الجوي؟ منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، لجأت بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالتعاون مع دول عربية، إلى تنفيذ عمليات إنزال جوي لما يدعونه بالمساعدات الإنسانية فوق القطاع، في محاولة لإظهار شكل من أشكال “التعاطف” مع المدنيين المحاصرين والمجوعين من قبل اسرائيل. لكنّ هذه العمليات قوبلت بانتقادات شديدة ورفض واضح من قبل الغزيين بالدرجة الأولى ومن الحقوقيين والناشطين وحتى المراقبين في المؤسسات الاغاثية الدولية.
لماذا؟
الإغاثة التي لا تغيث
في البداية، من المهم النظر إلى حجم المساعدات المنزلة مقارنةً باحتياجات القطاع:
• بحسب الأمم المتحدة، يحتاج سكان غزة يوميًا إلى أكثر من 500 شاحنة مساعدات غذائية وطبية للحفاظ على الحد الأدنى من الحياة.
• بينما في المقابل، فإن حمولة طائرة واحدة من الإنزال الجوي لا تتجاوز ما تحمله شاحنتان أو ثلاث فقط.
• في مارس 2024، أعلنت القيادة المركزية الأميركية أنها أسقطت نحو 38 ألف وجبة غذائية في عمليات إنزال، وهو رقم ضئيل للغاية عند مقارنته باحتياجات أكثر من 2 مليون فلسطيني، يعيش معظمهم في حالة مجاعة حادة، وربعهم على حافة الموت جوعًا.
ناهيكم عن... المخاطر المميتة. عمليات الإنزال خطيرة وليست آمنة
• ففي 8 مارس 2024، توفي 5 فلسطينيين على الأقل بينهم أطفال بسبب سقوط حزم مساعدات عليهم أثناء إنزالها بمظلات في مناطق مأهولة بالسكان في مدينة غزة.
• سقطت بعض المساعدات في البحر أو في مناطق يصعب الوصول إليها، ما أدى إلى صدامات وفوضى بين الناس.
• بشهادة الجندي الأميركي توني اغوالير تلقي الطائرات المساعدات في مناطق تواجد الجيش الإسرائيلي مما يعرض الناس الى إطلاق النار المباشر والقتل.
ماذا عن تجميل صورة القاتل ؟
من أكثر ما يثير الغضب في غزة أن عمليات الإنزال هذه تأتي من نفس الدول التي:
• تدعم إسرائيل عسكريًا وماليًا، وتزودها بالأسلحة والذخائر التي تُستخدم في قصف المدنيين.
• تعرقل تمرير قرارات وقف إطلاق النار في مجلس الأمن.
• تمنع إدخال المساعدات عبر المعابر البرية، وهي الأكثر فاعلية وأمانًا، والأقل كلفة، بل وتستخدم حججًا أمنية واهية لتأخيرها أو رفضها.
يرى الغزيّون أن الإنزال الجوي هو مجرد مسرحية لتبييض صورة الحرب والمجاعة أمام الكاميرات، بينما:
• ما زالت معابر غزة مغلقة جزئيًا أو كليًا.
• آلاف الشاحنات في مصر والأراضي المحتلة دون إذن الدخول.
• يمكن إدخال آلاف الأطنان من الغذاء والماء والدواء في أيام قليلة لو توفرت الإرادة السياسية الدولية الجادة.
الغزيون لا يرفضون المساعدات بحد ذاتها، لكنهم يرفضون أن تكون على هذا الشكل المُهين، الذي يصوّرهم كمتسولين تحت القصف، بينما تغضّ نفس الدول الطرف عن القاتل وتشاركه المسؤولية.
إن المطالبة الأساسية لأهل غزة هي وقف إطلاق النار فورًا، وفتح المعابر، وضمان دخول المساعدات بشكل منظم وآمن وكافٍ. أما عمليات الإنزال الجوي، فهي ليست سوى علاقات عامة تقتلنا مرّتين: مرة بالجوع، ومرة بالتضليل.