الصراع بين حكومة دمشق واسرائيل على النفوذ في جنوب سوريا يعطي أزمة السويداء أبعاداً اقليمية ودولية، وسط انقسام دروز المدينة بين من يطالبون بحماية دولية ومن يريدون الاندماج في الدولة السورية.
اتخذ الصراع على السويداء يوم الأربعاء بعدا إقليميا ودوليا، فصعدت إسرائيل هجماتها بالإغارة على مبنى رئاسة الأركان السورية ومحيط القصر الجمهوري في دمشق، بالإضافة إلى قصف أهداف للقوات الحكومية في محافظتي درعا والسويداء، وسط مواقف استنكار وإدانة من معظم العواصم العربية، فيما رفعت تركيا جاهزية جيشها إلى الدرجة القصوى. وأبدى الأردن استعداده للتدخل برا إذا طلبت دمشق ذلك.
أما في واشنطن، فترأس الرئيس دونالد ترمب اجتماعا عسكريا لمناقشة الوضع في سوريا، ونقل عنه أنه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي عدم المساس بدمشق.
وكانت وسائل إعلام عبرية أكدت أن واشنطن طلبت من إسرائيل وقف هجماتها على سوريا، لكن بنيامين نتنياهو أصر على تثبيت الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح.
ورغم الغموض الذي اتسم به الموقف الأميركي، إلا أنه ظل مرجحا خفض التصعيد، ما سمح لوزارة الداخلية السورية بالإعلان عن اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وقد أكده أحد شيوخ العقل في السويداء يوسف جربوع.
وأشار الاتفاق إلى سحب قوات الجيش وتكليف قوى الأمن الداخلي بالإشراف على الأمن داخل المدينة. وسيكون عديد قوى الأمن هذه من أبناء المحافظة، وفي ذلك استجابة غير مباشرة لشروط إسرائيل ولشروط المرجعيات في السويداء.
ورغم ذلك، فإن شيخ عقل آخر هو حكمت الهجري أعلن رفضه لهذا الاتفاق ودعا إلى مواصلة القتال. وأصبح واضحا أن الهجري ينسق مع دروز إسرائيل ويراهن على تدخل إسرائيلي أوسع يشمل دخولا بريا إلى جنوب سوريا.
ولم يستبعد مسؤولون إسرائيليون هذا الخيار مع سحب كتيبتين من غزة وإرسالهما إلى منطقة الجولان. لكن إعلان الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع عدم التراجع عن إرساء دولة القانون في السويداء، حتى تحرير المدنيين من الميليشيات الخارجة عن القانون، أكد عمليا أن الصراع لم ينتهي بوقف إطلاق النار، خصوصا أنه بات الان صراعا مفتوحا على النفوذ في جنوب سوريا بين إسرائيل وحكومة دمشق، بمقدار ما هو صراع درزي درزي داخل السويداء نفسها، بين من يطالبون بحماية دولية ومن يريدون الاندماج في الدولة السورية.