في حياتنا اليومية، أصبحنا نلاحظ تفصيلا متكررا: هوس بالماركات العالمية، ليس فقط لدى من يستطيع شراءها، بل أيضاً من يبحث عن نسخ مقلدة. المثير أنه، حتى التزييف، أصبحت له درجات: "copy high quality"، "copy رديئة".
السؤال الذي يراودني هو التالي: لماذا نرتدي ماركة معينة، ونحن نعلم أنها مقلدة؟ ما نريده في العمق، هو أن يعتقد الآخرون أنها أصلية. أن يظنوا أن لدينا المال والمكانة التي تتماشى مع تلك الماركة. نحن نعلم الحقيقة، لكننا نراهن على وهم الآخرين.
ما نريده في العمق، هو أن يعتقد الآخرون أننا نملك إمكانيات تلك العلامة. نشتري للناس، لا لأنفسنا.
أنا لا ألوم من يقتني ما يناسب ميزانيته، لكنني أطرح سؤالاً بسيطاً: لماذا لا نرتدي فقط ما يُشبه ذوقنا، ما يُعبّر عن شخصيتنا، لا عن قدرتنا على الإبهار أو خداع المحيط؟ لماذا هذا الضغط لنُظهر أننا نملك… حتى حين لا نملك؟
أنا لا ألوم أحداً على اختياراته، ولا أحكم على من يشتري ماركات، سواء أصلية أو مقلدة. لكن ما يثير فضولي هو هذه الفكرة: "قيمتي تُقاس بثمن ما أرتديه". كأن الناس تُختزل في ما يلبسون، لا في من هم، لا في أفكارهم، ولا ذوقهم، ولا سلوكهم.
شخصياً، لا أحب أن أكون لوحة إعلانات متحرّكة. لا أحتاج أن يعرف الناس إن كانت حقيبتي من هذه العلامة أو تلك. ليس يهمني بتاتا أن يقيمني الناس بناء على سعر ما أرتديه، بل العكس تماما. قيمتي الحقيقية في شخصيتي، في قيمي، في سلوكي، في ذوقي أيضا لكن ليس في التكلفة المادية لذوقي.
ما أرفضه هو هذه الرسالة الضمنية التي تقول: "قيمتي يُحددها ثمن ما أرتديه". أن نُختزل في ماركة. أن نُصدّق أن أناقتنا مرهونة بـ logo على حذاء أو حقيبة.
لأن الأناقة ليست ماركة، والذوق لا يُقاس بثمن. فهل يمكن أن نُشبه أنفسنا أكثر… ونقتني ما نحب فعلا وما نرتاح فيه، لا ما نتصور أنه قد يبهر الآخرين؟