مع كل حادث خاص بالحيوانات تتصدر أخباره المجتمع، بستغرب جدا من حالة الجدل اللي بيدخل فيها الناس. خاصة في مجتمعات من المفترض انها بتعاني من التمييز ضدها سياسيا واجتماعيا، فقط لأنها شعوب ضعيفة، مقهورة، مهيضة الجناح. فمن المفترض انها تتأثر وتتعاطف وتنبري للدفاع عن كائنات ضعيفة خرساء ما بيفهمش شكواها غير اللي خلقها.
لكن الحقيقة ان في كل مرة يهالني كم التشفي والغل والعنف والبغضاء اللي بيوجهه جزء كبير من المعلقين على حوادث التعدي على الحيوانات لأضعف خلق الله في أرضه.
مصر على وجه الخصوص مجتمع زراعي، ومن المعروف ان علاقة المصري بحيواناته ممتدة عبر التاريخ، فعن طريقها بيعزق الأرض ويسقيها ويجهزها لكل موسم ييجي معاه الحياة، فتلاقي جاموسة الفلاح مثلا أو حماره معزته من معزة ابنه، لأنه لو مرض أو مات، توقفت دورة الرزق والحياة.
وإلى جانب الجاموسة والحمار، فعنده كلبه اللي بيحرس له ماشيته لو عنده أغنام، وفي أي ركن من بيته قطة بتتسلى على صيد القوارض والفئران.
إذا هو مش غريب عن التعامل مع الحيوانات، بل بينه وبينهم علاقة نفعية مشتركة، طب أمال إيه اللي حصل؟
اللي حصل كالعادة هو الهجوم على الثقافة الوادعة للمجتمع الزراعي المسالم من ثقافة ترى ان الإنسانية في التعامل مع أي ضعيف، تعتبر نوع من الانهزام، ولا ترى غير مصالح الإنسان المباشرة في تجاهل لأي كائن تاني بيشاركنا الحياة على الأرض، وجت تلك الثقافة وراحت راشة على المباديء دي حبة زخارف دينية، فتصور الناس ان النوع ده من الأنانية وعداء البيئة واستحلال أرواح خلقها الله لأغراض يعلمها هي من صحيح الدين.
ترجع تقولهم يا جماعة وحديث الرسول عن البغي اللي دخلت الجنة عشان سقت كلب كان ماشي في الصحرا وهيموت من العطش، طب والحديث اللي عن الست اللي دخلت النار عشان حبست قطة لا أكلتها ولا سابتها تأكل من حشاش الأرض، طب كلام الله عز وجل اللي نازل من فوق سبع سماوات اللي بيتكلم عن كلب أهل الكهف ووفاءه ليهم، يبصلك الواحد منهم أكنك ساذج أو جاهل أو إيمانك ضعيف ويطلق عليك لقب المسلم الكيوت، ويقولك يعني انت هتفهم أكتر من الشيخ حموأة، هو قال نسم الكلاب، نسرب القطط، ناخد صغار الحيوانات ونرميهم بعيد عن أمهاتهم عشان يموتوا من الجوع والعطش وقالنا ان ده يعتبر من باب (لا ضرر ولا ضرار). طب يا عم الشيخ .. يا ست الحاجة، إيه أصلا الضرر الواقع عليكم من خلق الله الغلابة دول؟. اللي يقولك ما بحبهومش، واللي يقولك بتشائم من منظرهم واللي يقولك أصلهم كتروا قوي.
كتروا وبعدين؟ خطفوا منك أكل، أخدوا منك وظيفة؟ حد فيهم اتجوز البنت اللي كان نفسك تتجوزها لا سمح الله؟
بقينا نشوف كل يوم حادث لواحد دهس كلب بعربية، وحد رمى قطة من فوق سطح وحد خلص صلاته في الجامع، وتوكل على الله ونزل بعصاية غليظة على رأس جراوي صغيرة وقتلهم بتعبير على وشه ولا كإنه في غزوة مقدسة.
يا أهل الله، يا إخواننا في الكوكب، لو الإنسانية مش بتقنعكم، ولو الدين في نظركم متساهل، خدوها حتى بالبلدي، فمن لا يرحم لا يرحم، والرحمة حلوة، والا إيه؟