الفيديو من مسجد في إحدى المناطق الريفية بمصر. مجموعة رجال يؤدون صلاة، يبدو أنها صلاة التراويح خلال رمضان الجاري، ثم يسقط رجل ضمن المصلين، قبل أن يموت مباشرة في المسجد، دون أن يتحرك أحد من المصلين ليحاول إنقاذه.
شاهدت الفيديو وأنا أتساءل: أليس من الدين ومن الأخلاق محاولة حفظ النفس وإنقاذ حياة شخص آخر؟
بعض التعليقات، للأسف، كانت تفتخر بهذا السلوك السلبي لأن المصلين، برأي المعلِّقين، ساعدوه على الوصول لوفاة الأحلام؛ ألم يمت وهو يصلي في المسجد في رمضان؟
وأنت تقرأ هذه التعليقات، لا يمكنك إلا أن تتساءل: ما الذي يعنيه التدين لهؤلاء؟ أليست غاية التدين أن نطور القيم والأخلاق وأن نعمل على دعم ومساعدة الآخرين؟ أم التدين هو تطبيق الممارسات الدينية دون التفكير في غاية إيجابية هي، بالأساس، صناعة عالم أفضل لنا وللآخرين؟
ما معنى أن تكون متدينا، إذا لم تكن تسعى لمساعدة الآخرين وإنقاذهم وتوفير ظروف أفضل لهم؟
أليس يفترض أن يكون حفظ النفس أسبقَ وأولى من إكمال الصلاة؟
أم أن التطبيق الحرفي للممارسات الدينية هو الأسبق؟
تماما كما يحدث مع عدد من الأشخاص، في المغرب وربما في مناطق أخرى من بقعتنا الثقافية. أشخاص يعتبرون رمضان مرادفا للترمضينة. والترمضينة هي سلوك يجعل من الصيام مرادفا للعنف الجسدي واللفظي. لماذا يتعارك؟ لأنه مرمضن. لماذا يصرخ؟ لأنه مرمضن... بينما المنطق يقول إن الصوم، إن كان سيجعل منك كائنا أسوأ، فالأفضل ألا تصوم. فكيف، باسم صيامك، تعاقب الآخرين بسلوكيات سيئة، بينما الصيام يُفترض أن يهذب الأخلاق والسلوك؟
البعض، للأسف، لا يفكر في أن يجعل من تدينه وسيلة لكي يتطور للأفضل، ولكي يحسن سلوكه وعلاقته بالعالم. كل ما يهم هو التطبيق الحرفي للتعاليم، بدون فهم، بدون محاولة لتطوير الذات..
وهذه أزمتنا.. أن أغلبنا، للأسف، يهتم بشكل التدين وما يراه منه الآخرون، وليس بالقيم والسلوك.
ولن نتطور ما لم نفهم أن الإنسان فينا يفترض، طبيعيا، أن يتحرك لإنقاذ حياة شخص آخر لا أن يتساءل إن كانت صلاته مقبولة إذا ما قطعها لينقذ هذا الشخص؛ وأن غاية التدين أن نطور سلوكنا، لا أن نتقبل ممارسة العنف في رمضان، بحجة الصيام والترمضينة.