تمّت دعوتي إلى الحديث في بودكاست سويديّ استضاف مسبقًا شخصيّات شهيرة في مجال السياسة، والفنّ، والرياضة، وغيرها. سعدت جدًّا بهذه الفرصة التي سمحت لي بالتحدّث عن اليمن بشكل آخر، فالسويديّون لا يعرفون عن اليمن سوى ثلاثة كلمات: الحرب، والفقر، والحوثيّ.
دائمًا ما أفخر عندما أقول بأنني ولدت في مدينة جبلة ذات الجبال الخضراء، المدينة التي اختارتها الملكة أروى لتكون مقرّ حكمها، ورغم أنّ عائلتي أتت من قرية إريان الخضراء إلا أنّ جبلة هذه المدينة الصغيرة التاريخية تظلّ الأقرب إلى قلبي لأنّني ولدت فيها، وكنت أزورها بشكل متكرّر في فترة طفولتي لأنّ جدّي كان قاضيًا فيها أو كما يسمّونه في اليمن "حاكم"، فالقاضي كان هو نفس الشخص الذي يحكم المدينة.
تحدّثت في البودكاست عن والدتي التي لم تذهب للمدرسة، ولكنّها تعلّمت قراءة القرآن ثمّ قرأت الكثير من الكتب، كان بيتنا مليئًا بالكتب والمجلات والجرائد التي تشتريها أمّي. أمّي أيضًا تحبّ السياسة ولو كانت الفرصة سمحت ودرست في المدرسة والجامعة لكانت بالتأكيد أصبحت سياسيّة كبيرة. والدتي أعطتني القوّة التي ساعدتني لأستمرّ في هذه الحياة الصعبة. تحدّثت أيضًا عن الاعاقة التي ولدت بها، وسألني المستضيف عن والدي وماذا ألهمني. والدي كان يحبّني ويخاف عليّ كثيرًا، وما أحترمه فيه وكان مصدر إلهامي أنّه كان يحترم القوانين جدًّا، ومات وسيرته كدبلوماسيّ نظيفة حيث أنّه لم يكن أبدًا فاسدًا، وهذا شيء نادر في اليمن للأسف.
تحدّثت أيضًا عمّا واجهته من تهديدات وعن الصعوبات التي واحهتها في السويد. تحدّثت عن المجتمع السويديّ، وكيف يختلف عن مجتمعاتنا كعرب، وتحدّثت عمّا يُقال بأنّ المهاجرين لا يريدون أن يعملوا، والحقيقة أنّ تقريبًا كلّ من قابلتهم خلال دراستي للغة السويديّة كانوا يبحثون عن عمل، ويدرسون بجدّ، ويحاولون جاهدين أن يجدوا طريقًا للعيش في السويد.
تحدّثت عن الاختلاف بين المجتمع السويدي ومن يأتي من خلفية عربية، وكيف من الممكن أن يؤدّي هذا لسوء تفاهم وكراهية بسبب التفسير الخاطئ للتصرّفات، وهذا نتيجة قلّة المعلومات التي يعرفها الطرفان عن بعضهما.
سألني المستضيف عن أحلامي لخمس السنوات القادمة، هذا كان أصعب سؤال بالنسبة لي، ربّما لشعوري أنّني في استراحة محارب، وأركّز أكثر على حياتي الخاصّة. ولكنّني تذكّرت أنّني أتمنّى أن أنشر كتابًا، وقلت له أنني أريد أن يكون لي دور في التوعية، وبناء جسر بين السويديين ومَن هم من خلفيّات مهاجرة. سألني إذا سيكون لي دور سياسيّ في السويد ولكنّني أجبت بأنّني لا أدري هل لديّ الطاقة لذلك؟ وهل لدي الوقت الكافي بأن أحقّق طموحات كبيرة… من يدري؟