كثيراً ما أقرأ ما يكتبه العرب تحت صفحات الأخبار العربيّة الموجودة في السويد، ومن المستغرب أنّ أغلب التعليقات تنتقد القوانين، والبلد، وكلّ شيء فيه، وبمجرّد أن يكون هناك خبر إيجابيّ عن السويد، وأنّها توفّر رفاهيّة لمواطنيها، تجدهم يتساءلون: "أيّ رفاهيّة تتحدّثون عنها؟!".
بالنسبة لنا كعرب الرفاهيّة هي أن تعيش في قصر، وهناك خدم ينظّفون بدلًا عنك، ويطبخون لك الطعام. في السوبر ماركت هناك من يضع لك ما اشتريته في الكيس، يتمّ التعامل معك كإنسان مدلّل لا يستطيع أن يحمل أغراضه بنفسه. تصرف الكثير من الأموال على شراء منتجات من ماركات شهيرة، وغالية الثمن، وسيارات فارهة لكي تضع صورها في حسابك في الإنستغرام، وتقول للعالم بأنّك تعيش في رفاهيّة. هذه هي الرفاهيّة بالنسبة لنا.
عندما يأتي العربيّ للسويد يتوقّع أنّه سيعيش هذه الرفاهيّة ثُمّ يتفاجأ بالواقع. الواقع الذي يحتّم عليه أن يعتمد على نفسه دائمًا، لا أحد سيحمل لك الشنطة، ولا كيس المشتريات، يجب أن تنظّف بيتك بنفسك لا تستطيع أن تؤجّر عاملة/عاملا في المنزل إلّا إذا كنت شديد الثراء لأنّ العمالة مكلّفة جدًّا. عليك أن تصلح كلّ شيء في بيتك بنفسك، تعلّم السباكة والنجارة، فهناك سويديّون يبنون بيوتهم بأنفسهم. يتفاجأ العربيّ بأنّه ليس مدلّلا وأنّ عليه أن يكدّ، ويشقى، ويعتمد على نفسه تمامًا لذلك تثير غضبه الأخبار التي تقول بأنّ السويد فيها معدّل رفاهيّة عالٍ للمواطن. إذًا ماهي الرفاهيّة التي تتحدّث عنها الأخبار؟
الرفاهيّة في السويد هي أنّك لن تدفع أموالًا طائلة لمدرسة أولادك، لن تشعر بالذعر بأنّك إن لم تدفع مصروف المدرسة سيتمّ طردهم، فالمدارس مجانيّة، وهناك أيضًا طعام لهم مجانيّ. الرفاهية هي أنّك تتعالج بمبلغ زهيد، هي أنّ المواصلات سهلة ونظيفة، هي أنّ الشوارع مرتّبة ولا أحد سيدوس عليك وأنت تمشي. الرفاهيّة هي أنّك إن خسرت عملك سيكون بإمكانك الحصول على أموال إلى أن تجد عملًا آخر، إن كنت غير قادر على دفع إيجار البيت، فبإمكانك أن تطلب مساعدة إن ثبت أنك تستحقّها.
باختصار الرفاهيّة في السويد لا تعني بأنّك ستعيش في قصرك مع المنتجات الفاخرة، والخدم، والحشم. الرفاهيّة في السويد هي أنّك ستعيش معزّزًا، ولديك كرامة حتّى وإن ضاق بك الحال، هذه هي الرفاهيّة.