"بقاي بايرة" ."خليكي معنسه".
جملة أصبحنا نصادفها كثيرا على مواقع التواصل أمام أي نقاش يخص تعليم النساء أو عمل النساء أو حرية النساء في الفضاء العام.
يعتبر بعض الشباب أنهم، بالزواج، يقدمون خدمة للنساء. سينقذها الشاب من العنوسة، وبالتالي فعليها ألا تكون متطلبة، لا في حقوقها ولا في حريتها ولا في استقلاليتها.
وكأن العملية مقايضةٌ تجارية: ما لم تقبلي بشروطي ورؤيتي... فلن أنقذك من "شبح العنوسة".
ألا نحتاج أولا للتوقف عن استعمال هذه الكلمة والتي نستخدمها حصريا للنساء؟ متى سنعي أنها عبارة قدحية تحمل الكثير من تصوراتنا عن مركزية الزواج في حياة النساء؟ منذ أيام، قرأت لباحث يتحدث عن "النساء اللواتي وصلن سن الزواج". ما هو سن الزواج يا ترى؟ السن القانوني الأدنى؟ السن العرفي؟ سن البلوغ؟ عشرون سنة؟ ثلاثون سنة؟ ما هو السن الذي نعتبره سنا متأخرا للزواج؟ وعلى أي أساس؟
المشكلة هي هذه المركزية التي نمنحها للزواج في مسار النساء. يمكنها أن تكون سعيدة في حياتها الشخصية، مع أهلها، في عملها، في اختياراتها. لكننا سنعتبر أن شيئا أساسيا ينقصها، ما لم تكن متزوجة وأُما. حتى لو لم يكن ذلك اختيارها. حتى لو كانت بعض خيارات الزواج قد تجعلها تعيسة.
النتيجة أن العديد من الفتيات يتزوجن، ليس لأنهن قابلن الشريك المناسب، بل لأنهن وجدن الشريك الأقل سوءا فيما يعرض عليهن.
والحقيقة أن عددا من الشباب يتزوجون أيضا لنفس الأسباب.
يصل الشاب لسن معينة، يعتبر أنها السن المناسبة للزواج، ويبدأ البحث عن عروس مناسبة حسب شروط محددة مسبقا. لهذا، فهو يعتبر أن تلك التي لا تناسب شروطه، سيتركها عانسا. لن يؤدي لها خدمة إنقاذها من "شبح العنوسة".
والفتاة، بدورها، تصل سنا معينة فيبدأ ضغط المجتمع وتبدأ الأسئلة المزعجة. لذلك، فحين تقابل شخصا يريد الزواج، تكون مستعدة للكثير من التنازلات حتى يرضى عنها الأهل والمجتمع.
بينما الأصل في الحكاية أن نعيش حياتنا بشكل طبيعي. أن نبحث عن السعادة خارج هذه الإكراهات. السعادة قد تكون في تجارب كثيرة ليست بالضرورة مرتبطة بإنشاء أسرة... ويوما ما، نقابل شخصا نعتبر أن هذا الشخص هو الذي نريد أن نقضي معه القادم من عمرنا.
بمعنى أن الشخص هو الذي يفترض أن يجعلنا نقرر الزواج... لا أن نقرر الزواج لأننا وصلنا لسن معينة ثم نبدأ رحلة البحث عن الشريك الأقل سوءا.