يكاد لا يمرّ يوم لا تصادفني فيه دراسة علمية أو بحث سوسيولوجي حول ظاهرة ارتفاع معدل الذكاء أو الأداء لدى الإناث في شكل مضطرد مقارنة بنظيره لدى الذكور، أو كيف أن المرأة هي أفضل من يقوم بمهام متعددة في آن واحد بينما الرجل لا يستطيع إلا التركيز على مهمة واحدة، والى ما هنالك من المقارنات التي توحي بأن الزمن الآتي هو زمن النساء بامتياز.
هذا سيكون من حظ البشرية بالطبع. وأعتقد أنه سيكون من حظ الرجال أيضاً وخصوصاً، لأن هؤلاء يعملون أحياناً، بل في كثير من الأحيان، ضد أنفسهم، عندما يعتقدون أنه يجب عليهم أن يتحكموا بالأمور وبمفاتيح الحياة.
أجل، إنني لمقتنعة أن زمناً كهذا سيكون خيراً علينا جميعاً. لكن هذا الخير دونه أخطار ومجازفات، إذ يتطلب من المرأة ألا تعتقد أنها يجب أن تثأر لنفسها من عهود الحرمان التي عاشتها في كنف المجتمعات الذكورية والبطريركية. لا يستقيم حلّ مجتمعي، ولا حضاري، بانتصار أحد وبهزيمة أحد آخر. يجب أن يربح الجميع، المرأة والرجل، معاً وفي آن واحد، من أجل أن يكون الربح تثميراً للمواهب والخيرات التي يتمتع بها البشر.
هذا الربح يتطلب أيضاً وخصوصاً من الرجال أن يعيدوا النظر في المعاني المتداولة حول الذكورة والرجولة، وحول الأنوثة كذلك، وألا يشعروا بالتهديد لأن النساء قد يجتحن ميادين لم يكنّ موجودات فيها قبلاً، ويتفوقن فيها. كما أنه يتطلب منهم أن ينبذوا تحديد القوة باعتبارها مرادفة للذكورية وللوجود البطريركي للرجل. إعادة النظر الأخيرة هذه باتت أكثر من جوهرية، خصوصاً في منطقتنا.
براثن النساء متحفزة، نعم، ولكن للانقضاض على العالم، لا عليكم أيها السادة.
معرفة الفرق بين الوثبتين هي التي تميّز الرجال... عن الصبيان.