أعلن جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية، أول أمس الجمعة أن الحل الأمثل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو حل الدولتين، حتى لو تطلب الأمر فرضه من طرف المجتمع الدولي على الطرفين. جاء ذلك في إطار نقد لاذع من طرف بوريل للسياسة الإسرائيلية في علاقتها بعملية السلام. إذ اتهمها بتمويل حركة حماس وتقويتها على حساب السلطة الوطنية الفلسطينية بهدف إضعافها والتهرب من استحقاق حل الدولتين.
يأتي موقف الدبلوماسية الأوروبية هذا في وقت تتزايد فيه عمليات تقتيل المدنيين الفلسطينيين وتدمير كل مظاهر الحياة في قطاع غزة أمام صمت العالم وامام انسداد الأفق لحل ممكن سواء للعمليات العسكرية الحالية أو للصراع برمته بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وربما يكون هذا الموقف الأوروبي بمثابة الرد على تطرف موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بينيامين نتنياهو، الذي لم يكن يوما مقتنعا بالسلام مع الفلسطينيين. وهو ما أكده خلال لقائه يوم الخميس الماضي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن.
بغض النظر عن تباين المواقف هذا، يبدو أن هناك منعرجا جديدا في التعامل مع الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية. فطرح حل للصراع برمته يبعدنا اليوم عن التخندق الغربي إلى جانب إسرائيل تحت يافطة حق الدفاع عن النفس كما يدخلنا في منطق البحث عن حل نهائي للصراع برمته. وهو تطور يزعج رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي أراد أن تكون الأحداث الأخيرة فرصة لقبر أي حديث عن عملية سلام. هو تطور أيضا من حيث طريقة طرح الموضوع من طرف جوزيف بوريل. طرح فيه نفس من الحدة بما أنه اتهم إسرائيل بتمويل حماس وتحدث عن فرض الحل من جهات خارجية على طرفي النزاع وذلك لأول مرة تقريبا.
غير أن حل الدولتين يصطدم أولا برفض إسرائيل. إذ لم يعد مثل هذا الحل مطروحا تقريبا منذ اغتيال إسحاق رابين. فقد عمل اليمين المتطرف الإسرائيلي كل ما في وسعه لعرقة عملية السلام. وهو اليوم في موقع قوة في الساحة السياسية الإسرائيلية ويهيمن على المشهد السياسي مقابل تراجع الأحزاب المساندة لمبدأ السلام. ويحاول التيار المحافظ الإسرائيلي الاستفادة من عودة دونالد ترامب إلى الحكم للتخلص نهائيا من الحل السلمي.
من جهة ثانية، وبالرغم من وجاهة حل الدولتين من وجهة نظر قانونية، لأنه مسنود بالشرعية الدولية، فيبقى صعب المنال مع توسع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية ومع تدمير غزة اليوم والحديث عن عودة استيطانها. لكن في نهاية الأمر، ربما تكون فكرة فرض هذا الحل وجيهة إذا توفرت إرادة سياسية دولية محايدة.