تدخل "حرب غزة الخامسة" أسبوعها الحادي عشر وسط عدم وجود يقين حول موعد وضع حد للعمليات القتالية. لكن في كل سيناريوهات الخروج والافق السياسي، أخذ شعار حل الدولتين يتردد على كل لسان من " القمة العربية - الإسلامية" إلى الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وإدارة بايدن.
في حقيقة الأمر لا تشكل " الدولة الفلسطينية العتيدة " خياراً واقعياً للتو لأن الجانب الإسرائيلي غير جاهز لقبولها منذ اغتيال اسحق رابين في العام ١٩٩٥ ، ولأن البيت الفلسطيني منقسم وقد كان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية حاسماً عندما اعتبر أن أي ترتيبات في القطاع دون "حماس" هي "وهم وسراب" .
بالإضافة إلى صعوبات ترتيب البيت الفلسطيني ، وعدم التأكد من حصول تحول سياسي ايجابي في إسرائيل بعد أن تضع الحرب أوزارها، تكمن العقدة الأساسية في حدود هذه الدولة وامتدادها التي يتوجب ان تضم الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. بيد ان الواقع الحالي للقطاع المدمر والغموض حول مدة المرحلة الانتقالية فيه، بالإضافة لمعضلة وجود حوالي سبعمائة الف مستوطن في الضفة الغربية المقطعة الأوصال، يدفعنا للاعتقاد بوجوب مقاربة "حل الدولتين" على المدى الطويل ضمن رؤية استراتيجية للسلام وهذا يتطلب ارادة سياسية وتهيئة البيئتين الفلسطينية والاسرائيلية على هذا الاحتمال بعيداً عن الأساطير وفق إلزامية الاعتراف بالآخر. والاهم ان تتكون قناعة عند الاسرائيليين والفلسطينيين بأن يتعايشوا بسلام في ظل دولتين منفصلتين لشعبين مختلفين
والجديد اليوم بدء ادراك الدبلوماسية الاميركية اهمية العمل جدياً على افق حل الدولتين اذ
ان " حل الدولتين، الذي يتميز بوجود شعبين متميزين يتعايشان مع المساواة في الحصول على الحرية والفرص والكرامة، هو الطريق نحو السلام الدائم". ولا شك في أن تحقيق هذا الهدف يتطلب التزامات من الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك من الولايات المتحدة والقوى الدولية والاقليمية الدائرة في فلكها.
يستند اتباع الحذر في الرهان والتفاؤل على المخاوف من تداعيات صعود التطرف و على استعادة تجارب النزاع المزمن وهو النزاع الاقليمي الأقدم في العالم، لكي يستنتجوا ان الدولة الفلسطينية صعبة المنال، وان الرهان على نظرية " الدولة الواحدة للاسرائيليين والفلسطينيين" يمكن ان تكون اكثر واقعية على المدى المتوسط، شرط البدء بترتيبات امنية مؤقتة. هكذا تبرز مصاعب اليوم التالي لما بعد الحرب وتزداد الخشية من نهاية جولة لا غير في صراع طويل من دون حل.