من قرار تقسيم فلسطين في العام 1947 الى قرار إقامة دولتين الذي اعطي في العام 1974 الشعب الفلسطيني حق إقامة دولته الى جانب دولة إسرائيل المقامة منذ العام 1948 ،الى يومنا هذا، خمسة وسبعون عاما من صراع شعبين على ارض واحدة . كان رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات اول من فهم ان شعار من النهر الى البحر أي دحر إسرائيل وإقامة الدولة الفلسطينية من نهر الأردن الى البحر الأبيض المتوسط ،على أراض فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني في العام 1920 شعار غير واقعي، فتحدث للمرة الأولى في العام 1988عن دولتين لشعبين وتكرس هذا الطرح في اتفاقات أوسلو في العام 1993 .
جمع هذا الطرح اعداء معلنين اتفقوا على اسقاط حل الدولتين. ساعد اليمين الإسرائيلي المتطرف حركة حماس على العمل على اضعاف السلطة الفلسطينية وعملت الحكومات الاسرائيلية بعد اغتيال اسحق رابين في العام 1995 على تقطيع اوصال الدولة الفلسطينية المفترضة وحلت اتفاقات ابراهام أي التطبيع من دون ربط هذه العملية بقيام الدولتين محل عملية السلام.
كان من بين اهداف عملية السابع من أكتوبر وقف مسار التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية التي اشترطت قيام دولة فلسطينية لإتمام هذا المسار.
تنبه الجميع الى ان لا حل الا بتطبيق القرارات الدولية فأعادت واشنطن طرح مشروع الدولتين واتفقت دول الاتحاد الأوروبي مع دول عربية خلال اجتماع في إسبانيا في تشرين الثاني نوفمبر الماضي على أهمية حل الدولتين لإنهاء الصراع، وتبنت القمة العربية الإسلامية في الرياض هذا المطلب قبل ان تتخلى عنه طهران راعية حماس بقول وزير خارجية ايران ان بلاده متفقة مع اسرائيل على امر واحد وهو رفض حل الدولتين.
تعترض مقومات عدة إمكانية نشؤ الدولة الفلسطينية ،أولها غياب البقعة الجغرافية التي يفترض ان تقام عليها هذه الدولة في ظل المستقبل الجهول لقطاع غزة وثانيها غياب أي محار لدى الطرف الفلسطيني . فالسلطة مستضعفة ومغيّبة وهي بحاجة لإعادة انتاج، وحماس مرفوضة لأنها مصنفة إرهابية وفي إسرائيل اليمين المتشدد يطالب بترحيل الفلسطينيين من غزة ويرفض مقترح الدولتين واليسار مشتت واحتمال عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض يسقط اقتراح إدارة بادين بأحياء حل الدولتين .
اذا كان المفكر الفلسطيني الراحل أدوار سعيد من أوائل مؤيدي حل الدولتين فان قناعته باستحالة تحقيق هذا المطلب دفعته الى المناداة بقيام دولة ثنائية القومية ديموقراطية وعلمانية . حرب غزة جعلت دمج الشعبين مستحيلا فهل سقط معها الحلان؟