كان النقاش مطروحا حول قضية التعصيب في الإرث. إذا توفي أب وله ابنة وترك مبلغا معينا، فإن معظم التشريعات الكونية، بما فيها الإسلام الشيعي، تمنح للابنة والزوجة حق الإرث كاملا، وبعضها قد يدرج الوالدين. لكن الإسلام السني يمنح للعم نصف الميراث بالتعصيب، مادام المتوفي لم يترك ابنا ذكرا.
وفي هذا، دون أدنى شك، ظلم كبير للبنات؛ خصوصا أن حجة مواكبة الأعمام لبنات المتوفي غير صحيحة في معظم الحالات. ثم أن هذا يجعل من البنت شخصا غير كاملِ الأهلية، يحتاج لشخص آخر مكتمل الأهلية لكي يأخذ نصف نصيبها من الإرث، ويواكبها عند الحاجة! لماذا لا تواكب هي نفسها بنفسها؟ وكأن الذكر هو، بالضرورة، كامل الأهلية والابنة الأنثى، لا!
كاتب المنشور علق على هذا الحيف، بمثال شخصي بسيط: هو مثلا لم يرَ عمَّ زوجته منذ زواجهما منذ أزيد من 25 سنة، مما يدحض بالفعل نظرية متابعة الأعمام بالضرورة لمصالح بنات الأخ.
لكن أحدهم كتب تعليقا يعتبر فيه أن الزوج سيسرق إرث البنت، وبالتالي فهي ستكون ضحية إما لعمها أو لزوجها.
غريبة هي هذه التصورات التي تعتبر أن الطبيعي في المرأة أنها ليست أهلا لاتخاذ قراراتها بمفردها ولا لتدبير أمور حياتها وتدبير ممتلكاتها. يجب دائما أن يكون هناك ذكر في القضية! ذكر يحميها أو يسرقها أو يبتزها أو يكون وصيا عليها.
لماذا سنعتبر أن الابنة إن ورثت، سيسرق زوجها بالضرورة إرثها؟
الأشخاص الذين يضيعون إرثهم موجودون بالفعل، لكنهم يوجدون ضمن النساء والرجال على حد سواء: أشخاص يبذرون أموالهم، أو يتعرضون للنصب. لكن الأمر ليس مرتبطا حصريا بجنس الوارث بل بقدارته الشخصية وظروفه الخاصة.
أما أن نعتبر المرأة كائنا يحتاج للوصاية الدائمة كي لا يسرقها الزوج أو كي لا تضيع رزق والدها أو رزق أبنائها الصغار، فهذا في أحسن الأحوال جهل بواقع المجتمعات والأفراد؛ وفي أسوئها، وهذا الأرجح، ميزوجينية مضمرة لا ترى للنساء نفس قدرات وحقوق الرجال!