يزداد الوضع تأزماً بعد شهر على انقلاب النيجر واستمرار السباق بين الخيار الدبلوماسي والتدخل العسكري.
وفي مؤشر الى التشدد من قبل المجلس العسكري الحاكم برئاسة الجنرال عبد الرحمن تياني ، قالت النيجر ومالي وبوركينا فاسو في بيان مشترك في الرابع والعشرين من اغسطس إن نيامي سمحت للقوات المسلحة في مالي وبوركينا فاسو بالتدخل على أراضيها في حالة وقوع هجوم.
من خلال هذا البيان أعلن الفريق الانقلابي عن عزمه على مواصلة مقاومة الضغوط الإقليمية للتخلي عن السلطة. ويأتي ذلك في سياق تلويح (إيكواس) بورقة التدخل العسكري بعد فشلها في التفاوض مع قادة الانقلاب .
الى جانب وساطة الايكواس ووساطات الفعاليات الدينية والقبلية ، كان من اللافت الدخول على الخط من الجزائر الدولة الافريقية الكبرى من حيث المساحة و التي تتقاسم مع النيجر حدوداً تصل الى الف كيلومتر، وطرح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تصوراً لحل الأزمة يقوم على أربع نقاط، من ضمنها ضمان الاحترام الكامل للإطار القانوني الأفريقي الذي يرفض التغييرات غير الدستورية للحكومات، وتحقيق العودة للنظام الدستوري، وحفظ المكاسب التي حققتها النيجر في ترسيخ النظام الديمقراطي، وتجنب التدخل العسكري في النيجر.
وعلى الارجح ستكون مبادرة الجزائر من الفرص الحاسمة والنادرة لمنع تفاقم الموقف اذ لا تلوح في الأفق نهاية للأزمة، بسبب تمسك منظمة دول غرب افريقيا بشرط الإفراج عن الرئيس الشرعي المخلوع محمد بازوم وإعادته لمنصبه. وفي نفس الوقت، يصطدم السيناريو العسكري الذي أعلنته "إيكواس"، في الثامن عشر من اغسطس بعد اجتماع قادة جيوش دولها في أكرا لتحديد ساعة الصفر، بصعوبات وتحديات عملياتية وجغرافية.
على الصعيد الدولي يلقي الاختلاف الاميركي - الفرنسي بظلاله على التدخل المحتمل الذي تدعمه باريس ولا تتحمس له واشنطن . اذ تعتبر الولايات المتحدة ان ذلك سيقوض نفوذ الغرب لصالح روسيا ويمكن ان يدفع الى اندلاع حرب إقليمية واسعة في ظل دعم بوركينا فاسو ومالي لانقلابيي النيجر.
بالرغم من جدية التمهيد للتدخل العسكري ، واثار الحصار الاقتصادي الذي فرضته ايكواس وانتشار الفوضى ومخاطر الارهاب ، يراهن الجانب الانقلابي على تسليم الجميع في نهاية المطاف بالأمر الواقع، استناداً الى سوابق مالي وبوركينا فاسو ، ويراود الجنرال تياني الاعتقاد انه يكفي مجرد اعلانه عن فترة انتقالية لمدة ثلاث سنوات وإطلاق حوار وطني بالبلاد، كي يعني ذلك عمليا تجاوز فترة حكم بازوم.
من هنا تأتي وساطة الجزائر في الوقت المناسب لأن مسار الرضوخ للانقلاب مستبعد اذ يعني موافقة "إيكواس" والمجتمع الدولي ضمنا على تنامي سياسة الانقلابات في إفريقيا.