عشية فوز المرشح الديمقراطي المنافس على منصب عمدة نيويورك، زوهران ممداني، كان للفوز صداه في شارعنا العربي، خاصة وأن العمدة الجديد شاب مهاجر مسلم يتحدث قليلا من العربية، فأصبح بشكل أو بآخر، بلدياتنا وسفيرنا في الخارج.
ولو بصينا على مواقف ممداني هنلاقيله مواقف سابقة وتصريحات موفقة طوال حملته الانتخابية فيما يخص القضية الفلسطينية.
فهو داعم للقضية بشكل واضح دون مواربة، بل إنه ردا على سؤال ليه في أحد البرامج عن إذا كان سيرحب بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إذا حضر إلى نيويورك بعد فوزه بالعمودية، قال ممداني بحزم إن لو نيتانياهو حضر إلى نيويورك هيتم القبض عليه، تنفيذا لمذكرة التوقيف اللي أصدرتها ضده محكمة العدل الدولية. وهو بالطبع رد يصب في جانب المواطن العربي المسلم ويغازل قناعاته.
لكن مع فخر الكثيرين بالعمدة الشاب وخلفيته الإسلامية وبروزة مواقفه الداعمة، يفاجأ الفرحين بيه بظهور فيديو ليه في أحد المناسبات الداعمة لحقوق المثليين، فيصدم المواطن العربي، ويتلخبط نفس الإنسان اللي كان فخور بيه من ساعتين بس، بل إن البعض يبدأ يشكك في إن ده فيديو مزور هدفه الطعن في دين العمدة المنتخب.
الحقيقة إن موضوع دعم حقوق المثليين بره ده يبدو إنه دايما هيكون موضوع مربك جدا بالنسبة للمحافظين المتابعين للشأن الدولي. اللي لا يدركوا إن مواطنيهم أو اللي بيدينوا بديانتهم في الخارج ينظر لهم كأقلية موضوعة في نفس خانة الأقليات اللي المثليين والمتحولين جنسيا والشلة دي كلها برضه محطوطة فيها. وإن السياسة في الخارج وبخاصة السياسة الأمريكية لها جناحين، اليمين اللي هو مع اضطهاد المثليين بس في نفس الوقت ضد المهاجرين وأصحاب الديانات المختلفة وبخاصة الإسلام ، أما الجناح الآخر فهو اليسار اللي هو بيدّعي إنه متقبل المختلفين كلهم.
مافيش مكان في المنتصف بين الجناحين دول يخليك كشخص محافظ ترفع صوتك وتطالب باحترام حقوقك كأقلية وفي نفس الوقت تطالب بإلقاء زملاءك الأقليات برضه (زي ما انت بتتمنى) من فوق الجبل.
فهتلاقي أي حد بيعمل بالسياسة في أمريكا مثلا فاهم الأمر ده. إنه في شكل السياسة الحالي لا يمكن فصل الأقليات عن بعضهم. كلهم في خانة واحدة. فمش هيقدر يدعم المهاجرين ويتجاهل حقوق الأقليات الجنسية .
بس في حين إن كتير من الأقليات بره في الحقيقة بيدعموا الأقليات التانية على أساس إنهم فريق واحد، يعني جزء معتبر من المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية مثلا في الخارج كان بيكون مرفوع فيها علم الرينبو الشهير لشعور حامليه بإن أي اضطهاد لفئة بناءا على إثنيتها أو دينها هو اضطهاد يجب محاربته لأنه موجه لأقلية زيهم، على الجانب الآخر لو أتيح للمحافظين اللي هم واقفين على مضض بجوار علم قوس قزح فرصة التصويت على أي تشريع يحد من حرية من يرفعوه أو يطردهم أو يضيق عليهم بسبب توجههم الجنسي لفعلوا ذلك .
طب إيه الحل؟ .. كيف نوفق بين قيمنا وأدياننا اللي التوجهات الجنسية في سرديات الكثير من أتباعها قضية موت أو حياة؟. وبين محاولة احترام فكرة إن فيه عالم تاني مش مؤمن بما نؤمن بيه وما ينفعش نحاسبه بقواعدنا . بالإضافة لحقيقة إننا وهم محطوطين سياسيا شئنا أو أبينا في خانة واحدة؟
هو ده السؤال بأه اللي مالوش إجابة سهلة. لإن لما درس (بص في ورقتك ودع الخلق للخالق ) اتدرس في المدارس، كلنا يوميها كنا غايبين.