أهلا بكم وبكن..
استلهمت فكرة هذه المدونة من منشور للمخرجة والناشطة النسوية المغربية خولة أسباب بنعمر، تساءلت فيه عن معنى وجود النساء في السياسة اليوم وعن غياب الوزيرات من التفاعل الإعلامي مع الاحتجاجات.
سؤال مهم جدا، لأن الواقع يدفعنا للتفكير: هل وجود النساء في الفعل السياسي هو حضور حقيقي أم مجرد ديكور للتأثيث؟ هل هذا الغياب هو اختيار شخصي لهن أم موقف حكومي وربما حزبي؟ هل هو إقصاء متعمَّد للنساء أم هو احتياط شخصي لهن أمام زوبعة الاحتجاجات؟
نعم، هناك نساء في البرلمان، في الجماعات المحلية، وفي الحكومة. لكن، كم منهن يحملن صوتا مؤثرا بالفعل؟ كم منهن يتخذن القرار، ويمارسن السلطة السياسية بمعناها الحقيقي، لا كاسم في لائحة، أو وجه في صورة جماعية؟
يبدو أن حضور النساء صار مهما... لكن، فقط كديكور لتلميع صورة المؤسسات. حضور أنيق، لكن بلا صوت.
المفارقة أن النساء، وبالأخص الشابات، حاضرات بقوة في الفعل المجتمعي الحقيقي: في الشارع، في الاحتجاجات، في الجمعيات، في الدفاع عن قضايا الناس، في الحركية الحقوقية، في المبادرات الثقافية والفنية.
لكن، حين ننتقل إلى فضاءات القرار الرسمي، إلى الحكومة مثلاً، تختفي الوجوه الشابة، وتغيب الحيوية التي نراها في الشارع. الوزيرات موجودات، نعم. لكن حضورهن باهت، مقيّد، أو محكوم بخطوط حمراء سياسية وحزبية أو ربما شخصية.
أين صوت الشابات اللواتي يملأن الساحات دفاعاً عن الحرية والمساواة؟ لماذا لا نجد تلك الطاقات داخل المؤسسات؟
ولماذا لم تخرج وزيرات الحكومة الحالية للتفاعل كما خرج زملاؤهن؟ هل المشكل في النظام السياسي نفسه الذي لا يتيح لهن المساحة؟ أم في الأحزاب التي تكتفي بالتزيين بدل التمكين؟ أم في النساء الفاعلات أنفسهن؟
نحتاج اليوم إلى نساء في السياسة لا يضفن فقط لوناً جميلاً للصورة، بل يضفن موقفاً، رؤية، وشجاعة.
نحتاج لنساء لا يمثلن ما يسمى عبثا بـ "الجنس اللطيف"، بل كفاعلات سياسيات حقيقيات، بصوت وتأثير وبصمة.
وشكرا خولة أسباب بنعمر، لأنك فتحت مجددا هذا النقاش.