بعد سنوات من التهميش والاستخدام المحدود، يستعيد مرفأ جونية موقعه على الخريطة البحرية اللبنانية، كنافذة واعدة للتنمية والسياحة. في خطوة تعد بمثابة انطلاقة جديدة، بدأت التحضيرات لإعادة افتتاح المرفأ وتطويره ليكون نقطة وصل استراتيجية بين لبنان وأوروبا، وتحديدا نحو قبرص، أقرب الجزر الأوروبية.
مرفأ جونية في محافظة جبل لبنان يتحوّل شيئا فشيئا إلى مشروع حيويّ واستراتيجي. فبعد سنوات طويلة من استخدامه كمرفأ محلي لليخوت والسفن السياحية الصغيرة، بدأت التحضيرات لتحويله إلى نقطة انطلاق أساسية للرحلات السياحية والبحرية إلى الخارج وتحديدا إلى قبرص، الوجهة الأوروبية الأقرب. ففي وقت يعاني فيه مطار بيروت من ازدحام المسافرين، ومن تهديدات امنية في كل مرة تقصف بيروت بحكم موقعه قرب الضاحية الجنوبية، تسعى المدن اللبنانية لإيجاد خيار بديل ومتنفس اقتصادي وسياحي.
هذا المرفأ يؤكد أن لبنان لا يزال جزءا من الفضاء المتوسطي، حيث لا تزيد المسافة إلى قبرص عن 200 كيلومتر فقط، والبحر ما زال قادرا على أن يكون جسرا يربط لبنان بأوروبا، بين الذاكرة والأمل، وبين بلد يواجه الأزمات وشعب يرفض الانعزال عن العالم، من هنا تبدأ الاستعدادات: الشركات تعلن عن برامج سياحية، واللبنانيون يباشرون في حجز رحلاتهم حتى قبل موعد الافتتاح. الحماس واضح، والطموح كبير لأن هذه الخطوة قد تعيد إلى لبنان دوره كمحور للتنقل والسياحة في شرق البحر المتوسط كما يقول مدير المرفأ جوزف عواد عبر مونت كارلو الدولية.
مرفأ جونيه، الذي يطلق عليه محبوه لقب "لؤلؤة المتوسط"، ليس مجرد مشروع عمراني، بل يرمز إلى منطقة أرادت أن تثبت قدرتها على المشاركة في نهضة المرافئ اللبنانية. تم تأسيس المرفأ عام 1968 خلال عهد الرئيس السابق شارل حلو، حيث شهد فترة قصيرة من الازدهار، قبل أن تتحوّل ساحته إلى هدف للقصف خلال الحرب، ويصبح ملجأً لسكان ما كان يعرف بالمنطقة الشرقية، خاصة عندما أُغلق مطار بيروت وفقا لما قاله القبطان الياس رشدان.
في مرفأ جونية، لا تسمع فقط صوت البحر ولا هدير السفن، بل تسمع صوت القلوب التي عادت تنبض بالأمل. عائلات تستعد لرحلة طال انتظارها، شباب يبحثون عن مغامرة جديدة، وكبار في السن يقولون: "كأننا نعود إلى الحياة من جديد"
تقول المراجع المعنية ان البنية التحتية للمرفأ في حاجة إلى تطوير إضافي، خصوصاً لجهة تجهيزات الجمارك والأمن العام والفايبر أوبتيك (Fiber Optic) وأجهزة الفحص الحديثة (Scanners)، إضافة إلى الحاجة إلى تعميق المرفأ الذي لا يتجاوز عمقه حالياً أربعة أمتار. هي نقطة البداية في بحر العمل على تحويل ما كان مستحيلا أيام الحرب الاهلية وبعدها إلى الممكن من الان فصاعدا.