الكتاب بعنوان "مدرسة الصحابة" للمؤلف جهاد الترباني. يهدف هذا الكتاب إلى تقديم دراسة معمقة وشاملة لسيرة الصحابة الكرام، مُسلطاً الضوء على القيم والخصال التي تميزوا بها. كما يسعى الكتاب إلى فهم الأسباب الحقيقية وراء حملات التشويه التي تستهدف تاريخ الصحابة وعدالتهم. يتناول الكتاب عدة جوانب رئيسية وخصائص بارزة لجيل الصحابة، منها:

الذكاء الفطري والفهم العميق: يبرز الكتاب الذكاء الحاد والفهم المتعمق الذي تمتع به الصحابة للدين، وخاصة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس، الذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل. هذا التميّز جعله مرجعاً للناس في طلب العلم، حيث كان يسعى بنفسه لجمع الأحاديث والمعلومات من كبار الصحابة.
بركة الرسول صلى الله عليه وسلم: يذكر الكتاب كيف أن بركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم كانت جزءاً من حياة الصحابة، مثل قصة ولادة عبد الله بن عباس ودعاء النبي له.
الحرص الشديد على التعلم: يوضح الكتاب مدى اجتهاد الصحابة في طلب العلم، حتى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد كان هذا الحرص دافعاً أساسياً لهم في حفظ ونقل القرآن والسنة بدون أدنى تحريف.
الاختيار الرباني: يؤكد الكتاب أن الصحابة كانوا مختارين من الله تعالى لحمل رسالة الإسلام وإتمامها. ويُستدل على ذلك بقصة سلمان الفارسي ورحلته الطويلة في البحث عن الحقيقة، التي قادته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، مما يدل على توجيه إلهي لهذا الاختيار.
الجهاد النفسي والتفوق الفكري: يشدد الكتاب على أن الصحابة وصلوا إلى عظمتهم من خلال جهادهم لأنفسهم وتحررهم من الموروثات الفاسدة والتقليد الأعمى. ويقدم قصة سلمان الفارسي كمثال على هذا الفكر المتبصر والتحرر من التقليد الأعمى.
التحرر من عبودية المال: يبين الكتاب أن الصحابة لم يكونوا أسرى للمال، بل كانوا ينفقونه في سبيل الله ولنصرة دينهم. وقد ظهر ذلك جلياً في سخاء الصحابة مثل عبد الرحمن بن عوف، عثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب في الإنفاق لتجهيز جيش العسرة، متنافسين في الخير دون خوف من الفقر.
وجوب اتباع السنة النبوية: يؤكد الكتاب على الأهمية القصوى لاتباع أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته، مشيراً إلى أن طاعته هي طاعة لله. ويحذر من الاكتفاء بالقرآن الكريم وترك السنة، لأن السنة تفسر وتفصل ما جاء في القرآن.
التضحية والفداء: يقدم الكتاب أمثلة عظيمة على تضحية الصحابة بأنفسهم وأرواحهم في سبيل الله. ومن أبرز هذه الأمثلة قصة مصعب بن عمير، الذي ضحى بحياته وبكل متاع الدنيا من أجل دينه، وظل ثابتاً في أرض المعركة حتى استشهد.
الثبات الانفعالي: يبرز الكتاب قدرة الصحابة على التحكم في مشاعرهم والتفاعل بثبات مع التحديات الكبيرة، كما يتضح في موقف أبي بكر الصديق عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. كما يسلط الضوء على دور حذيفة بن اليمان وثباته في غزوة الأحزاب ومعركة نهاوند، حيث كان موضع ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب قدرته على حفظ الأسرار وذكائه الاستخباراتي.
المناصرة والدعم للرسول صلى الله عليه وسلم: يوضح الكتاب كيف كان الصحابة يناصرون الرسول صلى الله عليه وسلم ويقفون بجانبه في كل المواقف الصعبة، كما جاء في حديث المقداد بن عمرو في غزوة بدر.
المشورة والحوار: يبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتمد مبدأ الشورى في اتخاذ القرارات المصيرية، ويستمع لآراء الصحابة دون ضغط، وهو ما يميز القيادة الإسلامية.
العدل والرحمة في الفتوحات الإسلامية: يؤكد الكتاب أن الفتوحات الإسلامية لم تكن تهدف إلى الغزو والاستعباد، بل كانت تهدف إلى تحرير الشعوب من الظلم ونشر دعوة الإسلام. ويبرز الفرق الكبير بين أهداف الفتوحات الإسلامية وأهداف الإمبراطوريات القديمة مثل الفرس والرومان، التي كانت تقوم على القمع والاضطهاد. كما يشير إلى أن غير المسلمين عاشوا في سلام وأمان تحت الحكم الإسلامي، ولم يُجبروا على اعتناق الإسلام .

يختتم الكتاب بالتأكيد على أن دراسة سيرة الصحابة تمثل منهجاً حيوياً للمسلمين لفهم دينهم، وتعزيز إيمانهم، واستلهام القيم الإنسانية العظيمة التي نقلوها إلى البشرية جمعاء.