عندما تُقتل امرأة من قبل زوجها هناك -غالبًا- مؤشّرات تقول: "هناك خطر اهربي منه"، ولكن في بعض المجتمعات -منها اليمن- يتمّ تجاهل كلّ المؤشّرات والضغط على المرأة لتتحمّل بحجّة "مصلحة الأطفال" إلى أن تقع الفأس في الرأس أو أنْ تُطلق الرصاصة على رأسها كما حدث مع المغدورة، نجاة العنسي.
كنتُ أكتب في صفحتي عن موضوع له علاقة بالقوانين اليمنية التي هي ضدّ المرأة، وبأنّ هناك نسبة عالية من الرجال لديهم تبريرات في كلّ مرّة تتعرّض امرأة لأذيّة، فعندما انتشر فيديو لفتاة يقتلها أخوها وهي في بثّ مباشر في التيك توك اعتقد الكثيرون أنّ الحادثة في اليمن بسبب لباس الفتاة التي ترتدي النقاب، وهنا بدأ بعض الرجال تبرير الحادثة بأنّ الأخ لديه الحقّ في قتلها.
ثمّ تبيّن أنّ الفيديو في الهند، ولكنّ هذا الفيديو فضح طريقة تفكير هؤلاء.
كتبت إحدى المتابعات تعليقًا: "هناك حادثة أتمنى أن تكتبي عنها تخصّ أخت زميلتنا الصحفية التي قتلها زوجها"، فطلبت منها أن تبعث لي المعلومات وطُرق التواصل.
ثمّ تواصلت مع فاطمة العنسي، أخت الضحية نجاة العنسي، والتي حكت لي بالتفصيل عن سنوات من العذاب الذي تعرّضت له أختها من المجرم زوجها، وتحمّلت هذا من أجل الأطفال بضغط من عائلتها، وكانت النتيجة أنّ الأطفال تعرّضوا لصدمة كبيرة عندما شاهدوا دماء والدتهم وعرفوا بأنّ والدهم قتلها.
فاطمة، قالت بأنّ عائلة المجرم تريد أن تنجيه من العقوبة بحجة أنه مريض نفسيّ. وهل هناك أي مجرم ليس مريضًا نفسيًّا؟ ثمّ لماذا سكتت عائلته كلّ هذه السنوات ولم يعالجوا ابنهم ولم يتذكّروا أنّه مريض نفسيّ إلّا الآن؟
لا القانون، ولا المجتمع، ولا العائلة تحمي المرأة. لذلك أنتِ فقط من يمكنكِ أن تحمي نفسكِ بأن تنتبهي للعلامات في بداية العلاقة، وأن تهربي بمجرّد أن تشعري بالخطر، ولا تصدّقي المجتمع الذي سيخيفك، وإلّا ستكونين ضحيّة مثل نجاة العنسي التي لم يُحاسب زوجها على تعنيفه لها في حياتها، ولكنّني أتمنّى أن يحاسب اليوم بعد موتها لحماية أولادها منه، فهم أيضًا ضحيّة المجتمع الذي أرغم والدتهم أن تعيش في بيئة عنيفة بحجّة أنّ ذلك لمصلحتهم، بينما العكس هو الصحيح، فها هم اليوم بدون أمهم، ويتعالجون من الصدمات النفسية، وأقلّ ما يمكن عمله هو حمايتهم من هذا الأب.