حديثنا هذا الأسبوع عن المراحيض العمومية، وعن المواطنة. عن حاجتنا لتطوير الوعي بقيم احترام الفضاء المشترك واحترام الآخر. وعن حاجتنا لأن نشبه بعض شعاراتنا.
في أحد الأحياء الشعبية بمدينة الدار البيضاء، صادفت مراحيض عمومية جديدة، نظيفة، منظمة، ومجانية. شيء جديد في مدننا وأعترف أنه أعجبني. أخيرًا، تتوفر لدينا بنية تحتية كنا نحتاجها بشدة، خصوصًا للنساء، لكن أيضا لعموم من يقضون وقتهم في الفضاءات العامة؛ ويحتاجون لمراحيض عمومية.
التقطت بعض الصور، واقتربت من عاملة النظافة. امرأة ودودة، لكن ملامحها كانت متعبة. تحدثت إليّ بألم. قالت إن الناس، في الغالب، يتركون المكان في حالة يرثى لها. أوساخ، روائح كريهة، وأحيانًا مشاهد مقززة تجلها تشعر بالرغبة في الغثيان وهي تنظفها. بعض الرجال، كما أخبرتني، يدخلون لممارسات جنسية فردية أو ما يسمى بالعادة السرية، ويتركون خلفهم ما تضطر لتنظيفه بألم وتقزز.
تساءلت: لماذا؟ لماذا لا نحترم هذا الفضاء؟ لماذا نُحوِّل ما وُجِد ليخدمنا... إلى فضاء مقزز؟ المراحيض مجانية، لكن يبدو أن المجانية لا تعني الحفاظ عليها.
لدينا في ثقافتنا الشعبية آلاف الأمثلة عن النظافة. "النظافة من الإيمان"، نرددها كثيرًا. ولكن ماذا عن نظافتنا في الأماكن العامة؟ ماذا عن احترامنا لكرامة عاملة النظافة؟ ألسنا مدينين لها ببعض الوعي وبعض الاحترام؟ ثم، ألا يفترض أن نترك المراحيض نظيفة لمن سيستعملها بعدنا، تماما كما نتمنى جميعا أن نجدها نظيفة؟
في حالتنا هذه، مسيرو المدينة وفّروا البنية التحتية التي طالما طالبنا بها. لكن البنية التحتية وحدها لا تكفي. نحتاج بنية أخلاقية تحميها. ونحتاج لتطوير قيم احترام المشترك. نحتاج مواطنًا ومواطنة يدركون أن استعمال المرحاض العمومي ليس فقط حقًا... بل أيضًا مسؤولية. مسؤولية تجاه الآخر الذي استعمله قبلنا والذي سيستعلمه بعدنا. ومسؤولية اتجاه المرأة التي تنظفه يوميًا بصمت.