تاريخياً، نشأت الحركة النسوية في الولايات المتحدة كحركة تحرّرية، تهدف بالأساس الى (ضمان حق النساء البيض بالتصويت) والمساواة في الأجور.
مرّت هذه الحركة بعدة موجات ثم بدأت تتفرع منها حراكات متعددة تبنت خلالها مطالبات مختلفة بدأت بالمطالبة بحق التعليم والتصويت في القرن التاسع عشر، وتطوّرت في منتصف القرن العشرين لتشمل قضايا العمل والجسد والدور، ثم اتسعت في موجتها الثالثة والرابعة لتشمل هويات متعددة وتجارب متقاطعة.
اليوم، لم تعد النسوية تيارًا واحدًا، بل طيفًا واسعًا من الحراكات، تختلف في منطلقاتها وخطابها بحسب المجتمعات التي تنشأ فيها، والنساء اللواتي تمثلهن على اختلاف الثقافات. بعض هذه الحراكات بقي متمسكًا بالمبدأ الأخلاقي للعدالة، بينما انجرفت أخرى نحو خطابٍ إقصائيٍ رافضٍ لأي صوت يخالفه.
ومن هذا المنطلق، يظهر ما يُسمّى بـ”النسوية المتوحشة”.
دعم أعمى… وعدالة مبتورة
في حوار مع نسوية قالت:
"أنا أرفض دعم النساء لمجرد أنهن نساء.
(بالمطلق) أنا مع تمكين المرأة لأنها إنسان متساو في الحقوق والواجبات في الدولة، لكنني أؤمن بالعدل وتمكين الإنسان — رجلًا كان أو امرأة — بناءً على الكفاءة، الأخلاق، النزاهة والعمل العام الجاد تجاه مجتمعه.
الحركة النسوية إرث تاريخي من المطالبة بالحقوق ساهم فيه كل من آمن بالعدالة دون التجاوز على حق الآخر لأي اختلاف!
حين تُمنح النساء مناصب شكلية، أو تُبرَّر أخطاؤهن، أو يُقمع الصوت الناقد لهن فقط لأنهن “نساء”، فإننا لا نبني عدالة، بل نخلق طبقة جديدة من التحيّز."
متى تفقد المصداقية؟
حين توظف النسوية كذراع للسلطة الفاسدة وتُحتكر قضايا المرأة لصالح أصوات صاخبة، فتُقصى ملايين النساء اللواتي لا يجدن أنفسهن في هذا الخطاب المتوحش. حين تُهمَّش القضايا الحقيقية التي مازالت المرأة تعاني منها: كالاحتلال العسكري والقتل والعنف الأسري والتحرش، وسوء قوانين الحضانة، والتمييز في سوق العمل، ويُستبدل بها جدالات حول مفاهيم لا علاقة لها في ثقافة المجتمعات المختلفة.
ماذا تريدين إذًا؟
أريد من الدولة عدالة للجميع.
نريد إنصافًا للمرأة، نعم، ولكن أيضًا إنصافًا للرجل، والطفل.
نريد خطابًا مسؤولًا، لا يخلط بين النضال والانتقام، ولا بين التمكين والتسلّط.
نريد أن ندعم الإنسان الصالح، لا بناءً على جنسه، بل على أثره.