نشر موقع عربيّ مقرّه السويد عن إحصائية سويدية تقول أنّ الأغنياء يعيشون عمرًا أطول من الفقراء. وجدت تعليقات من عرب تقول: "هذا ليس ممكنا. العمر مكتوب ومحدّد قبل ولادتك"، وآخر كتب: "هذه أقدار. ما تقولونه ليس صحيحًا" إلخ، ولكن هل هي فعلًا أقدار؟
أتذكّر جيّدًا في اليمن أنّ بمجرد أن يصل الشخص لعمر الستين نتوقّع قرب موته، الستينات هو متوسط الأعمار، هناك قليلون من يعيشون لعمر الثمانينات، ولكنّ الكثيرين كانوا يموتون في عمر الستينات. الأسباب كثيرة: لا توجد رعاية صحّيّة جيّدة، وهناك من يموت وهو في طريقه للعلاج في الخارج بعد أن باع كلّ ما يملك، واليوم زادت أسباب الموت؛ الحرب، الاكتئاب، الفقر الذي يجعلك غير قادر على الحصول على الغذاء الكافي لجسدك، لا رياضة لا صحة نفسية ولا جسدية، فبالطبع يموت الناس مبكّرًا.
الاتّكال على فكرة القدر تجعل الشخص لا يهتمّ بأن يحافظ على حياته، حتى وإن كان في بلد ثريٍّ هو لا يهتمّ بصحّته ويأكل أكلًا غير صحي إلى أن يموت من الأمراض التي تصيب جسده. بينما تجد في دول أخرى أشخاصًا لا يعوّلون على فكرة القدر ويهتمّون بصحتهم يمارسون الرياضة، يضغطون على حكوماتهم لكي تهتمّ بأن يكون الهواء نظيفًا، الغذاء بجودة عالية، أماكن يستطيع المواطن أن يمشي ويمارس الرياضة، تفرض الحكومة عليك أن تضع حزام الأمان في السيارة، هو كمواطن يهتمّ بالطبيعة التي حوله لأنه يريد أن بعيش حياة طويلة بصحّة جيّدة. هل الحكومة هنا هي القدر الذي استطاع تغيير حياتك وجعلها تطول أكثر؟ هل إرادتك كإنسان بأن تهتمّ بنفسك تغيّر القدر؟
لست عالمة بالروحانيات والأقدار، وليست عندي دكتوراة في الفلسفة، ولكنني أجد أنّ الإنسان هو الذي يصنع الحروب، وهو مَن يتسبّب في موت البشر مبكراً. والإنسان أيضا هو من يقرّر أن يهتمّ بحياته وحياة الآخرين فلا يتهوّر مثلًا عند سياقته للسيارة، ولا يحمل سلاحًا ويطلقه في الهواء عند الاحتفال ويتسبّب في موت آخرين ثم يقول هذا قدرهم! لا عزيزي. هذه جريمتك فلتتحمّل المسؤولية، ونحن جميعًا مسؤولون عن حياتنا قدر المستطاع أما ما هو فوق قدرتنا فهو بسبب إنسان آخر قرّر ألّا يهتمّ بحياة الآخرين، ولن ألوم القدر.