ترتسم منذ سبتمبر/ ايلول الماضي معادلة جديدة في المشرق بعد الحرب العنيفة التي أضعفت حزب الله وصولاً إلى تهاوي النظام السوري في الثامن من ديسمبر / كانون الاول الماضي .. واسفر انهيار المحور الإيراني في هذه الناحية من الشرق الأوسط عن انتخاب رئيس للبنان بعد سنتين من الاستعصاء.
وسط هذه الاجواء، تندرج زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، وهي الأولى لرئيس دولة أجنبية منذ انتخاب جوزف عون رئيسا في التاسع من كانون الثاني/يناير وتعيين نواف سلام رئيسا للحكومة.
وعلى رأس الأولويات الفرنسية، تثبيت التهدئة الهشة التي أنهت، في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، الحرب بين حزب الله وإسرائيل. لكن مع تسجيل انتهاكات لوقف اطلاق النار ، لم يكمل الجيش الإسرائيلي انسحابه من الشريط الحدودي، ولم يستكمل الجيش اللبناني سيطرته على جنوب الليطاني ولم يتمم حزب الله انسحابه.
والأرجح ان إيمانويل ماكرون الذي راهن على الصلة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وعلى الحوار مع حزب الله ، حاول طمأنة الأحزاب الشيعية المترددة في المشاركة في الحكومة ، احتجاجا على تسمية نواف سلام وتفضيلها نجيب ميقاتي . ومن الواضح ان باريس تدعم تشكيل الحكومة "في أسرع وقت ممكن". وتركز على ان تكون حكومة جامعة يتعين عليها أن "تنفذ الإصلاحات الضرورية لتعافي البلاد".
بالإضافة لانخراطها في مواكبة بارقة الامل في لبنان وبداية " عقد سياسي جديد"، تواصل الدبلوماسية الفرنسية اهتمامها بسوريا
بعد زيارة وزير الخارجية جان - نويل بارو( بصحبة زميلته الالمانية ) إلى دمشق ولقاء الادارة الجديدة باسم الاتحاد الاوروبي، تستضيف باريس في الثالث عشر من شباط/ فبراير القادم مؤتمراً عن " الحقبة الجديدة في سوريا" يتمحور في المقام الأول على إلغاء العقوبات والمضي قدما في مسار تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية اللازمة لتسيير شؤون البلاد. ومن المنتظر أن يتزامن المؤتمر مع عودة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل بين سوريا الجديدة ودول الاتحاد.الاوروبي
في سياق آخر ، رحب ماكرون باتفاق غزة الأخير مع تأكيده على اهمية الحل السياسي من اجل ايجاد افق للفلسطينيين وضمان الاستقرار ، وطالبت وزارة الخارجية الفرنسية اسرائيل بتسهيل عمل المنظمات الدولية والوكالات الإنسانية مشددة على أن هذا الطلب يرتكز على احترام القانون الدولي.
عشية عودة دونالد ترامب إلى البيت الابيض، ودور فريقه في انجاز اتفاق غزة واندفاعه الدبلوماسي في الشرق الأوسط وبقية العالم، تحاول باريس مقاربة التشكل الجيو سياسي الذي هو قيد التبلور، وتسعى للبقاء لاعباً دولياً مؤثراً .