عيد الميلاد للعام الثاني على التوالي، حزين كئيب في بيت لحم والقدس، من دون مظاهر احتفال ولا أشجار مزينة، تعبيرا عن التضامن مع مأسي غزة، لكن أيضا بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها بيت لحم، وكل أنحاء الضفة الغربية، فقط صلوات وأدعية في كنيسة المهد، رفضا للحرب التي طاولت المدنيين بلا تمييز.
كان عيد الميلاد ولا يزال تذكيرا للعالم وتناسيه للإنسانية، لكنه في قطاع غزة فاق كل الحدود، إذ تتكرر كلمات المجازر والتجويع والإبادة في الأخبار، ويقتل طفل فلسطيني كل ساعة، كما تقول وكالة الأونروا.
وقد وصف البابا فرنسيس العمليات العسكرية في غزة، كما في أوكرانيا، بأنها ليست حربا، بل أعمالا إجرامية، وإذ لفت قبل أيام إلى أن أطفالا قصفوا في غزة، وقال إن هذه قسوة وليست حربا، فقد رد عليه وزراء اسرائيليون واتهموه بترويج افتراءات خطيرة وبتشويه التاريخ.
ورغم أن هناك اتفاقا شبه جاهز لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، إلا أن حسابات سياسية اسرائيلية تؤجل توقيعه وتنفيذه.
عيد الميلاد اللبناني تأثر أيضا بالحرب التي دمرت معظم الجنوب، حيث أقيمت أشجار الميلاد وسط الركام، واعتبرت بصيص أمل بالسلام رغم الخروقات المستمرة للهدنة التي مر عليها شهر، من دون أن تشعر المواطنين بأن خطر تجدد الحرب قد انحسر نهائيا.
أما في سوريا التي شهدت لتوها زلزالا سياسيا، بسقوط النظام السابق، فيمر عيد الميلاد وسط مخاوف تعتري المسيحيين الذين خرجوا في تظاهرات للمطالبة بحقوقهم، ورغم أنهم احتفلوا بالعيد من دون أي موانع، إلا أن حوادث متفرقة أقلقتهم، كالاعتداء على كنائس في عدد من المناطق، أو هجوم بعض الجهاديين على شجرة الميلاد وإحراقها في السقيلبية في محافظة حماة.
وأما في العراق، فيتميز عيد الميلاد هذه السنة، بعودة مظاهر الاحتفال إلى مدينة نينوى، وبعض أنحاء الموصل، بعدما رممت الكنائس التي تعرضت للتدمير، خصوصا بأيدي تنظيم الدولة.
وهكذا فإن ظروف مسيحيي الشرق تتفاوت من بلد إلى أخر في الاحتفال بأعيادهم بأمان، لكنهم كما مواطنيهم المسلمين يعانون من عدم الاستقرار وغموض المستقبل بسبب الحروب وتداعياتها.